حاله بحثا متقصيا ، يتناول أدق تفاصيل حياته الذهنية والسلوكية ليمكن قبول نقله أو رفضه ، وما نظن أن ثقافة في الأرض قامت على مثل هذا الأساس النقدي المنهجي النزيه ، فذلك شيء تفرد به المسلمون (١).
وليس من شك في أن كتب الحديث (٢) وشروحها ـ رغم أنها مصدر فقهي أكثر منه تاريخي (٣) ـ مورد غني من الموارد الأساسية لتدوين أخبار الجاهلية فيما قبيل الإسلام ، على أن الغريب من الأمر ، أن مؤرخي تلك الفترة قد تجاهلوا هذا المنهل الغزير ، وبخاصة فيما يتصل بتاريخ عرب الحجاز ، إلى حد كبير ، ومن ثم فقد خسروا واحدا من أهم مصادر التاريخ العربي القديم.
__________________
(١) عبد الصبور شاهين : تاريخ القرآن ص ٨٢ ـ ٨٣
(٢) أشهر مجاميع الحديث : موطأ مالك ومسند ابن حنبل وسنن الدارميّ (ت ٢٥٥ ه) وصحيح البخارى (١٩٤ ـ ٢٥٦ ه) وصحيح مسلم (٢٠٤ ـ ٢٦٨ ه) وسنن أبي داود (٢٠٢ ـ ٢٧٥ ه) وسنن الترمذي (٢٠٩ ـ ٢٧٩ ه) وسنن النسائي (٢١٥ ـ ٣٠٣ ه) وسنن ابن ماجة (٢٠٩ ـ ٢٧٣ أو ٢٧٥ ه)
(٣) R. Biachera, Le Probleme de Mahomei, Paris, ٢٥٩١, P. ٧