قال : وأنبأنا ابن أبي خيثمة ، نبأنا عبد الوهّاب بن نجدة ، نبأنا عبد الوهّاب بن الضحاك ، نبأنا شيخ يكنى أبا الرّبيع وقد أدرك أناسا من القدماء قال : لما أخذ الحارث ببيت المقدس حمل على البريد وجعلت في عنقه جامعة من حديد ، فجمعت يداه إلى عنقه ، فأشرف على عقبة ببيت المقدس فتلا هذه الآية : (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي ، وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) (١) قال : فتقلقلت الجامعة ، فسقطت من يده ورقبته إلى الأرض ، فوثب إليه الحرس الذين كانوا معه وأعادوها عليه ، ثم ساروا به فلما أشرف على عقبة أخرى قرأ آية لا أحفظها فسقطت من رقبته ويده إلى الأرض فأعادوها عليه ، فلمّا قدموا على عبد الملك حبسه ، وأمر رجالا كانوا معه في السجن من أهل الفقه والعلم أن يعظوه ، ويخوّفوه الله ، ويعلّموه أن هذا من الشيطان ، فأبي أن يقبل منهم. فأتوا عبد الملك فأخبروه بأمره ، فأمر به وصلب ، وجاء رجل بحربة فطعنه فانثنت الحربة ، فتكلم الناس فقالوا : ما ينبغي لمثل هذا أن يقتل ، ثم أتاه حرسي برمح دقيق فطعنه بين ضلعين من أضلاعه ، ثم هزّه فأنفذه. قال : وسمعت غير واحد ولا اثنين يقولون : إن الذي طعن الحارث بالحربة فانثنت قال له عبد الملك : ذكرت الله تعالى حين طعنته؟ قال : نسيت أو قال : لا ، قال : فاذكر اسم الله تعالى ثم اطعنه ، قال : فطعنه فأنفذها انتهى.
١١٣٣ ـ الحارث بن سعد الحجوري
وحجور (٢) قبيل من همدان ، له ذكر في حرب أبي الهيذام ، انتهى.
قرأت بخط أبي الحسين الرازي ممّا أفاده بعض أهل دمشق عن أبيه عن جدّه وأهل بيته من المزّيين فيما قيل من الأراجيز في تلك القضية قال : وقال الحارث بن سعد الحجوري شعرا :
إذا قلت النوم فلا ممات |
|
هيهات هيهات هيهات |
لا مخلّص منه ولا انفلات |
|
اليوم حتى حضر الميقات |
قحطان أحيا لنا أموات |
|
قد غمّني منهم ولا التفات |
__________________
(١) سورة سبأ ، الآية : ٥٠.
(٢) وهم بنو حجور بن أسلم بن عليان بن زيد بن عريب بن حاشد بن جشم (قاله في ابن حزم ص ٣٩٣).