فَلَوْ أَنَّا عَلَى حَجَرٍ ذُبِحْنَا |
جَرَى الدَّمَيَانِ بِالْخَبَرِ الْيَقِينِ |
وإنما قال : «الدَّمَيَانِ» على «الدَّمَا» كقولكَ : دَمِيَ وجهُ فُلانٍ أشدّ الدَّمَا .. فَحُرِّكَ الْحَشْوُ.
وكذلك قالوا : «أَخَوَانِ» وهم «الإخْوَةُ» ـ إذا كانوا لأبٍ ـ وهمُ «الإخْوَانُ» ـ إذا لم يكونوا لأبٍ.
قلتُ : هذا خطأ ـ الإخْوَةُ و «الإخْوَانُ» يكونونَ إخْوَةً لأبٍ ، وإِخْوَةً للصَّفَاءِ.
وقال أبو حاتم : قال أهل البَصْرةِ أَجْمَعُونَ : «الإخْوَةُ» : في النَّسبِ ، و «الإخْوَانُ» : في الصداقةِ.
تقول : قال رَجلٌ .. من إخْوَانِي وأَصدقائي.
فإِذَا كَانَ أَخَاهُ في النَّسَبِ .. قالوا : إخْوَتِي.
قال أبو حاتم : وهذا خَطَأ وتخليطٌ.
يقال للأصدقاءِ وغير الأصدقاءِ : إخْوَةٌ وإخْوَانٌ.
قال الله جلّ وعزّ : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحُجرَات : ١٠] ولم يَعْنِ النسب.
وقال : (أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ) [النور : ٦١] وهذا في النسب.
وقال : (فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ) [الأحزَاب : ٥].
وقال الليث : الإخَاءُ : المُؤاخَاةُ والتّآخِي والأخُوَّةُ : قَرَابَة الأخِ ، والتّآخِي : اتِّخاذُ الإخْوَانِ.
ويقال : بينهما إخَاءٌ وأُخُوَّةٌ : ونحوُ ذلك.
وآخَيْتُ فلاناً مُؤاخَاةً وإخَاءً.
و «الأُخْتُ» كان حدُّها «أخَةً» فصار الإعرابُ على الهاءِ والْخَاءُ في موضع رَفْع ـ ولكنها انفتحتْ لحالِ هاء التأنيثِ فاعْتَمدتْ عليه ، لأنها لا تعتمدُ إلّا على حرفٍ متحرِّكٍ بالفتحةِ ، وأُسْكِنَتِ الخاءُ فَحُوِّلَ صَرْفُها على الألِف وصارت الهاءُ تاءً ـ كأَنَّهَا من أصلِ الكلمة ـ وَوقع الإعرابُ على التاء ، وأُلْزِمَتِ الضمَّة ـ التي كانت في الْخَاءِ ـ الألِفَ.
وكذلك نحوُ ذلك فافْهَمْ.
وقال بعضُ النَّحْوِيِّينَ : سُمِّيَ الأخُ أخاً لأنَّ قصدَه قصدُ أَخِيهِ.
وأصلُهُ : من «وَخَى يَخِي» ـ إذا قَصَدَ فقُلِبَتِ الواوُ همزةً.
وفي الحديث «أَنَّ النبي صلىاللهعليهوسلم آخَى بَيْنَ الْمهَاجِرِينَ والأَنْصَارِ» ـ أَيْ : ألّفَ بَيْنَهُمْ بِأُخُوَّةِ الإسلَامِ والإيمَانِ.
وقرأْتُ في كتاب «النوادرِ» لابْنِ هانِىء ـ عن أبي زيْدٍ : يقال : «خَايِ بِكَ علينا» ـ أي : اعْجَلْ علينا .. غيرُ مَوصُولٍ.
وأسْمَعَنيهُ الإيادِيُّ لِشَمِرٍ ـ عن أبي عبيد ـ : «خَايِبكَ علينا».
وصلَ الياءَ بالبَاءِ في الكتابِ.
والصوابُ : ما كُتِبَ «في كتَابِ ابنِ هَانِىءٍ».