رُؤْيَة الشَّمس في غَيْر سَحاب؟» ، قالوا : لا ، قال : «فإنكم لا تُضارون في رُؤْيته تبارك وتعالى».
قلت : رُوِيَ هذا الحديث بالتَّشديد من الضّرّ. وروي : «تضارُون» بالتخفيف من الضّيْر ، والمعنى واحد. يقال : ضَارَّه ضِرَاراً وضَرَّه ضَرّاً وضَارَهُ ضَيْراً ، والمعنى : لا يُضَارُّ بعضكم بعضاً في رُؤْيته ، أي لا يخالِفُ بعضكم بعضاً فيكذِّبه ؛ يقال : ضارَرْتُه ضِراراً ومُضارَّة ؛ إذا خالفته.
وقال الجعديُّ :
وَخَصْمَيْ ضِرارٍ ذَوَى تُدْرَإ |
مَتَى بَاتَ سِلْمُهما يَشْغَب |
ويُرْوَى : «لا تُضامُون في رُؤْيته» ، أي لا يَنْضَمّ بعضكم إلى بعض فيُزَاحمه ، ويقول له : أَرِنيِه ، كما يفعلون عند النَّظر إلى الهِلال ، ولكن ينفرد كلّ منكم برُؤْيته.
ورُوِيَ من وَجْهٍ آخر : «لا تضامُون» بالتخفيف ، ومعناه : لا ينالُكُمْ ضَيْمٌ في رؤيته ، أي ترونه حتى تَسْتووا في الرُّؤْية ، فلا يَضِيمُ بعضكم بعضاً ؛ ومعنى هذه الألفاظ وإن اختلفت متقاربة ، وكل ما رُوِيَ فيه صحيح ، ولا يدفع لفظ منها لفظاً ، وهو من صِحاح أخبار رسول الله صلىاللهعليهوسلم وغُرَرها ، ولا ينكرها إلا مُبْتَدِعٌ صاحبُ هوًى.
وقال الليث : الضَّرورة : اسم لمصدر الاضْطرار ، تقول : حملتني الضَّرورة على كذا ، وقد اضْطُرَّ فلان إلى كذا وكذا ، بناؤه : «افْتُعل» ، فجعلت التاء طاء ؛ لأن التاء لم يَحْسُن لفظها مع الضاد.
وقال ابن بُزُرْج : هي الضّارُورَة ، والضارُورَاء ، ممدود.
وقال الليث : الضَّرِير : الإنسان الذاهب الْبَصر ، يقال : رجل ضَريرٌ البَصر ، إذا ضَرَّ بِهِ ضَعْفُ الْبَصر ، ويقال : رجل ضرير ، وامرأة ضَرِيرَة. والضَّرِيرُ : اسم للمضَارّة ، وأكثر ما يستعمل في الْغَيْرَة ؛ يقال : ما أشَدَّ ضَرِيرَه عليها! وقال الراجز يصف عَيْراً :
* حَتَّى إذَا مَا لَانَ مِنْ ضَرِيرِه *
وقال أبو عُبَيْد : الضرير : بقية النَّفَس.
وقال الأصمعيّ : إنَّه لذو ضَرير على الشيء ، إذا كان ذا صَبْرٍ عليه ومقاساةٍ ، وأنشد :
* وهَمَّامُ بنُ مُرَّةَ ذُو ضَرِيرِ*
يقال ذلك في النّاس والدّواب ، إذا كان لها صَبْر على مقاساة الشرّ.
وقال الأصمعيّ في قول الشاعر :
بِمُنْسَحَّةِ الآباطِ طاحَ انْتِقالُها |
بأَطْرَافِها والْعِيسُ بادٍ ضَريرُها |
قال : ضَرِيرُها شدّتُها ، حكاه الباهليّ عنه.
ويقال : انزل بأحد ضرِيرَي الوادِي ، أي