ويصدر عن وحيه إلى أتباعه.
وإمّا أن المقصود من الشّيطان هم نفس هؤلاء الأشخاص ، فيكون «هذا المورد» من الموارد التي يطلق فيها اسم «الشّيطان» على المصداق الإنساني له ، لأن للشيطان معنى وسيعا يشمل كل غاو مضل ، إنسانا كان أم غير إنسان كما نقرأ في سورة الأنعام الآية (١١٢) ، (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ).
ثمّ أنّه سبحانه يقول في ختام الآية : (وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) يعني أن الإيمان بالله والخوف من غيره لا يجتمعان ، وهذا كقوله سبحانه في موضع آخر : (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً) (١).
وعلى هذا الإساس فإن وجد في أحد الخوف من غير الله كان ذلك دليلا على نقصان إيمانه وتأثيره بالوساوس الشيطانية لأنّنا نعلم أنّه لا ملجأ ولا مؤثر بالذات في هذا الكون العريض سوى الله الذي ليس لأحد قدرة في مقابل قدرته.
وأساسا لو أن المؤمنين قارنوا وليهم (وهو الله سبحانه) بولي المشركين والمنافقين (الذي هو الشيطان) لعلموا أنّهم لا يملكون تجاه الله أية قدرة ، ولهذا لا يخافونهم قيد شعرة.
وخلاصة هذا الكلام ونتيجته هي أنّ الإيمان أينما كان ، كانت معه الشجاعة والشهامة ، فهما توأمان لا يفترقان.
* * *
__________________
(١) الجن : ١٣.