بالكفر أيضا ، إذ يؤدي هذا الكفر إلى سقوطهم وانحطاطهم.
هذا مضافا إلى أن الله سوف لن ينسى مواقفهم المشينة ولن تفوته مخالفاتهم ، وسيصيبهم جزاء ما يعملونه يوم القيامة : (يُرِيدُ اللهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ).
وفي الحقيقة فإن الآية تقول : إذا كان هؤلاء يتسابقون في الكفر فليس ذلك لأنّ الله لا يقدر على كبح جماحهم ، بل لأنّ الله أراد أن يكونوا أحرارا في اتّخاذ المواقف وسلوك الطريق الذي يريدون ، ولا شك أنّ نتيجة ذلك هو الحرمان الكامل من المواهب الرّبانيّة في العالم الآخر.
وعلى هذا فالآية لا تنفي الجبر فحسب ، بل هي من الأدلة والبراهين السّاطعة على حرية الإرادة الإنسانية.
ثمّ يقرّر القرآن هذه الحقائق في الآية الثانية بشكل أكثر تفصيلا إذ يقول : (إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً) يعنى ليس الّذين يتسابقون في طريق الكفر ويسارعون إليه هم وحدهم على هذا الحال ، بل كل الّذين يسلكون طريق الكفر بشكل من الأشكال ويشترون الكفر بالإيمان ، كل هؤلاء لن يضرّوا الله شيئا ، وإنّما يضرّون أنفسهم.
ويختم سبحانه الآية بقوله : (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) هذا التفاوت في التعبير في خاتمة هذه الآية والآية التي قبلها حيث قال هناك : (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) وقال هنا (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) إنّما هو لأجل إن الذين جاء ذكرهم في الآية السابقة أسرع في المبادرة والتوجه نحو الكفر.
* * *