يقول : إنّ ناسخه هو آية الطلاق إذ يقول سبحانه : (إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) في حين أنّ هذه الآية لا ترتبط بالمسألة المطروحة في هذا البحث لأنّ هذه الآية تبحث في الطلاق ، في حين أن الزواج المؤقت (أو المتعة) لا طلاق فيه ، والإفتراق بين الطرفين في هذا الزواج يتمّ بانتهاء المدّة المقررة.
إنّ القدر المتيقن في المقام هو أن أصل مشروعية هذا النوع من الزواج في زمن النّبيصلىاللهعليهوآلهوسلم أمر قطعي ومفروغ عنه ، وليس ثمّة أي دليل يمكن الاطمئنان إليه ويثبت نسخ هذا الحكم ، ولهذا فلا بدّ من أن نحكم ببقاء هذا الحكم ، بناء على ما هو مقرر وثابت في علم الأصول.
والعبارة المشهورة المروية عن «عمر» خير شاهد على هذه الحقيقة ، وهي أنّ هذا الحكم لم ينسخ في زمن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ... وإلخ.
ثمّ إن من البديهي أنّه لا يحق لأحد إلّا النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن ينسخ الأحكام ، فهو وحده يحق له ـ وبأمر من الله سبحانه وإذنه ـ أن ينسخ بعض الأحكام ، وقد سد باب نسخ الأحكام بعد وفاة النّبي تماما ، وإلّا لاستطاع كل واحد أن ينسخ شيئا من الأحكام الإلهية حسب اجتهاده ومزاجه ، وحينئذ لا يبقى شيء من الشريعة الخالدة الأبدية ، وهذا مضافا إلى أنّ الاجتهاد في مقابل النص النّبوي لا ينطوي على أية قيمة أبدا.
والملفت للنظر أننا نقرأ في صحيح الترمذي الذي هو من صحاح أهل السنة المعروفة،وكذا عن الدارقطني (١) أن رجلا من أهل الشام سأل «عبد الله بن عمر» عن التمتع بالعمرة إلى الحج ، فقال ابن عمر : حسن جميل ، قال : فإن أباك كان ينهى عنها،فقال:ويلك فإن كان أبي نهى عنها وقد فعله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمر به أفبقول أبي آخذ ، أم بأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قم عنّي (٢).
__________________
(١) تفسير القرطبي ، ج ٢ ، ص ٧٦٢ ، ذيل الآية (١٩٥) البقرة.
(٢) المراد من متعة الحج التي حرّمها عمر هو لو أننا صرفنا النظر عن حج التمتع ، فإن حج التمتع عبارة عن الأمر