وقد ورد نظير هذا الحديث وبنفس الصورة التي قرأتها حول زواج المتعة عن «عبد الله بن عمر» في صحيح الترمذي (١).
وجاء في كتاب «المحاضرات» للراغب أنّ رجلا من المسلمين كان يفعلها (أي المتعة) فقيل له : عمّن أخذت حلّها؟ فقال : عن عمر ، فقالوا : كيف ذلك وعمر هو الذي نهى عنها وعاقب على فعلها؟ فقال : لقوله : متعتان كانتا على عهد رسول الله ، وأنا أحرمهما وأعاقب عليهما متعة الحج ومتعة النساء ، فأنا أقبل روايته في شرعيتها على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما أقبل نهيه من قبل نفسه (٢).
ثمّ إن هناك مطلبا آخر لا بدّ أن نذكر به هنا وهو أن الذين ادعوا نسخ هذا الحكم (أي انتساخه) قد واجهوا مشكلات عديدة.
أوّلا : أنّه صرّح في روايات عديدة في مصادر أهل السنة بأنّ هذا الحكم لم ينسخ في عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أبدا ، بل نهي عنه في عهد عمر ، وعلى هذا يجب على مدعي النسخ أن يجيبوا على هذه الروايات البالغة ـ عددا ـ عشرين رواية ، جمعها العلّامة الأمينيرحمهالله مفصلة في الجزء السادس من «الغدير» وها نحن نشير إلى نموذجين منها.
١ ـ روي في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنّه كان يقول : كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيّام على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبي بكر حتى ـ ثمّ ـ نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث (٣).
٢ ـ وفي حديث آخر في كتاب «الموطأ» لمالك و «السنن الكبرى» للبيهقي
__________________
التالي : إن يحرم الشخص أوّلا ، ثمّ بعد الإتيان بمناسك «العمرة» يخرج من إحرامه (فيحلّ له كل شيء حتى الجماع) ثمّ يحرم من جديد ليؤدي مناسك الحج من تاسع ذي الحجّة ، وقد كان الناس في الجاهلية يبطلون هذا العمل ويستغربون ممن يدخل مكّة أيام الحج ثمّ يأتي بالعمرة ويخرج من إحرامه قبل أن يأتي بالحج ، ولكن الإسلام أباح هذا وقد صرّح بهذا الأمر في الآية (١٨٦) من سورة البقرة.
(١) شرح اللمعة الدمشقية ، ج ٢ ، كتاب النكاح.
(٢) كنز العرفان ، ج ٢ ، ص ١٥٩ الهامش.
(٣) الغدير ، ج ٦ ، ص ٢٠٥ و ٢٠٦.