أن يكون التعامل معهنّ على أنهنّ من أعضاء العائلة ، فلا بدّ أن يكون تعاملا إنسانيا كاملا.
ثمّ إنّه سبحانه قال : (وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ومن هذه الجملة يستفاد أن الصّداق الذي يعطى نهنّ يجب أن يكون متناسبا مع شأنهن ومكانتهن ، وأن يعطى المهر لهنّ ، يعني أن الامة تكون هي المالكة للصداق ، وإن ذهب بعض المفسرين إلى أن في الآية حذفا ، أي أن الأصل هو (وآتوا مالكهنّ أجورهنّ) غير أن التّفسير لا يوافق ظاهر الآية ، وإن كانت تؤيده بعض الروايات والأخبار.
هذا ويستفاد أيضا من ظاهر الآية أنه يمكن للعبيد والإماء أن يملكوا ما يحصلون عليه بالطرق المشروعة.
كما يستفاد من التعبير بـ «المعروف» أنّه لا يجوز أن تظلم الإماء في تعيين مقدار المهر ، بل هو حقهنّ الطبيعي الحقيقي الذي يجب أن يعطى إليهنّ بالقدر المتعارف.
ثمّ إن الله سبحانه ذكر شرطا آخر من شروط هذا الزواج ، وهو أن يختار الرجل للزواج العفائف الطاهرات من الإماء اللائي لم يرتكبن البغاء إذ قال :
(مُحْصَناتٍ) سواء بصورة علنية (غَيْرَ مُسافِحاتٍ) أو بصورة خفية (وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ) (١) أي أصدقاء وأخلاء في السرّ.
ويمكن أن يرد هنا سؤال هو أنّ النهي عن الزنا بلفظة (غَيْرَ مُسافِحاتٍ) تكفي وتغني عن النهي عن اتّخاذ الأخدان ، فلما ذا الوصف الثاني أيضا؟
ويجاب على هذا : بأن البعض ـ في عهد الجاهلية ـ كان يرى أنّ المذموم فقط هو الزنا العلني والسفاح الظاهر ، وأمّا اتّخاذ الأخلاء والرفاق أو الرفيقات في
__________________
(١) الأخدان جمع «خدن» وهي بمعنى الرفيق والخل في الأصل ، ولكنها تستعمل عادة في الأشخاص الذين يقيمون علاقات جنسية غير مشروعة مع الجنس الآخر ، ولا بدّ أن نعرف أن القرآن أطلق لفظة الخدن على المرأة كما أطلقها على الرجل.