السرّ فلا بأس به ، وبهذا يتّضح سبب ذكر القرآن وتصريحه بكلا النوعين.
ثمّ إن الله سبحانه قال : (فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ).
وتتضمن الآية بحثا حول عقوبة الإماء إذا خرجن عن جادة العفة والطهر ، وذلك بعد أن ذكر قبل هذا بعض أحكام الزواج بالإماء ، وبعض الأحكام حول حقوقهنّ.
والحكم المذكور في هذا المجال هو أن الإماء إذا زنين فجزاؤهنّ نصف جزاء الحرائر إذا زنين ، أي خمسون جلدة.
ثمّ إنّ هاهنا نقطة جديرة بالانتباه هي أنّ القرآن الكريم يقول في هذا المقام (فَإِذا أُحْصِنَ) فيكون معناه أنّ الجزاء المذكور إنّما يترتب على زنا الأمة إذا أحصنت ، فما ذا يعني ذلك؟
لقد احتمل المفسّرون هنا احتمالات عديدة ، فبعضهم ذهب إلى أنّ المراد هو الأمة ذات بعل (وذلك حسب الاصطلاح الفقهي المعروف والآية السابقة).
وذهب آخرون إلى أنّ المراد هي الأمة المسلمة ، بيد أن تكرار لفظة المحصنة مرتين في الآية يقضي بأن يكون المعنى واحدا في المقامين ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإن جزاء النساء المحصنات هو الرجم لا الجلد ، فيتّضح أنّ التّفسير الأوّل وهو تفسير المحصنة بالأمة ذات بعل غير مقبول ، كما أنّ التّفسير الثّاني وهو كون المراد من المحصنة هو المسلمة ليس له ما يدل عليه.
فالحقّ هو أنّ مجيء لفظة (الْمُحْصَناتِ) في القرآن الكريم بمعنى المرأة العفيفة الطاهرة ـ على الأغلب ـ يجعل من القريب إلى النظر أن تكون لفظة المحصنة هنا في الآية الحاضرة مشيرة إلى هذا المعنى نفسه ، فيكون المراد أنّ الإماء اللاتي كن يرتكبن الفاحشة بضغط وإجبار من أوليائهنّ لا يجري عليهنّ