نعم ، لا ينافي هذا الكلام ما جاء في الآيات الأخر التي تقول : هناك من الكفار من يكتم الحقائق يوم القيامة أيضا ويكذبون (١) لأنّ كذبهم وكتمانهم واقع قبل إقامة الشهود وقيام الشهادة ، وأمّا بعد ذلك فلا مجال لأي كتمان ، ولا سبيل إلى أي إنكار ، بل لا بدّ من الاعتراف بجميع الحقائق.
وقد روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام في بعض خطبه أنّه قال عن يوم القيامة «ختم على الأفواه فلا تكلم وتكلمت الأيدي وشهدت الأرجل ونطقت الجلود بما عملوا فلا يكتمون الله حديثا». (٢)
هذا ويحتمل بعض المفسرين أن يكون المراد من (لا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) أنّهم يتمنون لو أنّهم لم يكتموا في الدنيا أية حقيقة ، خصوصا في ما يتعلق برسول الإسلامصلىاللهعليهوآلهوسلم، وعلى هذا تكون هذه العبارة عطفا على جملة (لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ).
ولكن هذا التّفسير لا ينجسم مع ظاهر «لا يكتمون» الذي هو فعل مضارع ، ولو كان المراد ما ذكره هذا الفريق من المفسرين لوجب أن يقول : «لم يكتموا».
* * *
__________________
(١) مثل الآية (٢٢) و (٢٣) من سورة الأنعام ، والآية (١٨) من سورة المجادلة.
(٢) تفسير نور الثّقلين ، ج ١ ، ص ٤٨٢ ـ ٤٨٣ ، نقلا عن تفسير العياشي.