والثروات الغير المباحة مثل هذه الجاذبية القوية؟؟
كما أنّه يستفاد من هذا التعبير أن الناس ما لم يسعوا ويجتهدوا لتخليص أنفسهم وتحريرها من جاذبية هذه العوامل المغرية الخداعة فإنّها ستجذبهم نحو نفسها تدريجا، وسيقعون في أسرها في نهاية المطاف.
أمّا إذا حاولوا من خلال تربية أنفسهم وترويضها ، وتمرينها على مقاومة هذه الجواذب والمغريات وكبح جماحها ، وبلغوا بها إلى مرتبة «النفس المطمئنة» كانوا من النّاجين الواقعيين، الذين يشعرون بالأمن والطمأنينة.
ثمّ يقول سبحانه في نهاية هذه الآية : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ).
وهذه الجملة تكمل البحث السابق وكأنها تقول : إنّ هذه الحياة مجرّد لهو ومتاع تخدع الإنسان من بعيد ، فإذا بلغ إليها الإنسان ونال منها ولمسها عن كثب وجدها ـ على الأغلب ـ فراغا في فراغ وخواء في خواء ، وما متاع الغرور إلّا هذا.
هذا مضافا إلى أن اللذائذ المادية تبدو من بعيد وكأنها خالصة من كل شائبة ، وخالية من كل ما يكدرها ، حتى إذا اقترب إليها الإنسان وجدها ممزوجة بكل ألوان العناء والعذاب، وهذا جانب آخر من خداع الحياة المادية.
كما أنّ الإنسان ينسى ـ في أكثر الأحيان ـ طبيعته الفانية ، ولكنه سرعان ما ينتبه إلى أنّها سريعة الزوال ، قابلة للفناء.
إنّ هذه التعابير قد تكررت في القرآن والأحاديث كثيرا ، والهدف منها جميعا شيء واحد هو أن لا يجعل الإنسان هذه الحياة المادية ولذاتها العابرة الفانية الزّائلة هدفه الأخير،ومقصده الوحيد النّهائي الذي تكون نتيجته الغرق والارتطام في شتى ألوان الجريمة والمعصية، والابتعاد عن الحقيقة وعن التكامل الإنسانى ، وأمّا الانتفاع بالحياة المادية ومواهبها كوسيلة للوصول إلى التكامل الإنساني والمعنوي فليس غير مذموم فقط ، بل هو ضروري وواجب.
* * *