مذنبين ، بل يشترك في الذنب معهم كل الذين شجعوا المرتكبين على ذنبهم ، عن طريق وسائل الإعلام المختلفة أو إعداد الأجواء المساعدة ، بل حتى عن طريق إطلاق كلمة صغيرة مشجعة ، وهكذا الذين يقومون بمثل هذه الأعمال على طريق الخيرات ينالون سهمهم من نتائجها.
ويستشف من الأحاديث المروية في تفسير هذه الآية أنّ الشفاعة بكلا جانبيها تطلق ـ أيضا ـ على الدعاء بالخير أو بالشر للآخرين ، وإنّ الدعاء للآخرين أو عليهم يعتبر نوعا من الشفاعة لدى الله تعالى.
نقل عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : «من دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب أستجيب له وقال له الملك : فلك مثلاه ، فذلك النصيب» (١).
ولا ينافي هذا التّفسير ما تطرقنا إليه سابقا ، بل يعتبر توسعا في معاني الشفاعة ، فكل إنسان يقدم مساعدة لنظيره الإنسان ، سواء كانت عن طريق الدعوة إلى فعل الخيرات أو الدعاء له أو عن أي طريق آخر ، فسينال نصيبا من ثمار هذه المساعدة.
وبهذا الأسلوب من المشاطرة الفعلية الخيرة يخلق الإسلام لدى الإنسان روحا اجتماعية تخرجه من أنانيته وانطوائيته وتجعله يعتقد أن لن يصيبه ضرر إذا سعى في حاجة أخيه الإنسان أو ساعد على تحقيق مصالح غيره ، بل سيناله الخير ، وسيكون شريكا لأخيه فيما سعى إلى تحقيقه له من مصالح ومنافع.
والآية ـ هذه ـ تؤكد أيضا حقيقة ثابتة أخرى ، وهي أنّ الله قادر على مراقبة الإنسان وتدوين ما يقوم به من أعمال ، ثمّ محاسبته عليها ، واثابته على خيرها ، ومعاقبته على شرها(وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً).
وعبارة «مقيت» مشتقة من «القوت» وهو الغذاء الذي يساعد جسم الإنسان على البقاء وعلى هذا يكون «مقيت» اسم فاعل من باب افعال ، وتعني هنا
__________________
(١) تفسير الصافي ، في تفسير الآية الكريمة.