صيام شهرين متتابعين يقوم به القاتل ، فهو تعويض أخلاقي ومعنوي لخسارة معنوية لحقت بالقاتل نفسه بسبب ارتكابه لحادث قتل ، فالكفارة تتحقق في الدرجة الأولى في تحرير رقبة مؤمنة ، فإن عجز القاتل فصيام شهرين متتابعين ـ ويجب الانتباه هنا إلى أن تحرير العبيد يعتبر بحدّ ذاته عبادة ، لما له من أثر معنوي على العبد الذي يتحرر من قيود الرق.
٢ ـ ورود عبارة (إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) بالنسبة إلى أهل القتيل الذين هم من المسلمين،أي أن يتنازلوا عن «دية» قتيلهم ، حيث لم ترد هذه العبارة بالنسبة لغير المسلمين ـ وسبب ذلك واضح ، وهو لأن الأرضية للصفح والعفو متوفرة لدى المسلمين حيال أمثالهم ، بينما لا تتوفر مثل هذه الأرضية لدى غير المسلمين تجاه المسلمين ، كما أن المسلم يجب أن لا يقبل معروفا أو منّة من غير المسلم في هذه الحالات.
٣ ـ وممّا يجلب الانتباه أنّ الحالة الثالثة الواردة في آية موضوع البحث ، قد قدمت كفارة الدية على كفارة التحرير ، وهذه الحالة تتناول مسألة القتل الخطأ الواقع على شخص لا ينتمي أهله إلى الإسلام ، بينما الحالة الأولى ـ التي كان القتيل فيها من عائلة إسلامية ـ تقدمت فيها كفارة التحرير على كفارة الدية.
ويمكن الاستنتاج من هذا التقديم والتأخير أن مسألة دفع الدية في موعد متأخر بالنسبة للمسلمين فيما بينهم ، لا تترك أثرا سلبيا عليهم ـ في الغالب ـ بينما لو كان أهل القتيل من غير المسلمين لوجب التعجيل في دفع الدية ـ أوّلا ـ اتقاء للفتنة ، ولكي لا يفسّر أهل القتيل وقومه مسألة القتل الحاصلة بأنّها نقض للعهد من جانب المسلمين.
٤ ـ لم تحدد الآية الكريمة مقدار الدية أو مبلغها في أي من الحالات الثلاثة المذكورة،ويستنتج من هذا أن مسألة التحديد هذه إنّما أوكلت إلى السنة التي عينت بالفعل مقدارها الكامل بألف مثقال من الذهب ، أو بمائة بعير ، أو مائتين من