إنّ هذه الآية تشير في الحقيقة إلى أمر إسلامي مهم ، يدل على أنّ أداء الصّلاة في أوقات معينة ليس معناه أن ينسى الإنسان ذكر الله في الحالات الأخرى ، فالصّلاة أمر انضباطي يحيى ويجدد روح التوجه إلى الله لدى الفرد ، فيستطيع في أوقات أخرى غير وقت الصّلاة أن يحتفظ بذكر الله في ذهنه ، سواء كان في ساحة القتال أو في مكان آخر.
وقد فسّرت هذه الآية في روايات عديدة على أنّها تبيّن كيفية أداء الصّلاة بالنسبة للمرضى ، أي أنّهم إذا استطاعوا فليؤدوا الصّلاة قياما ، وإن لم يقدروا على ذلك فقعودا، وإذا عجزوا عن القعود فعلى أحد جنبيهم.
وهذا التّفسير في الحقيقة نوع من التعميم والتوسع في معنى الآية ، ولو أنّها لا تخص هذا المجال (١).
وتؤكد هذه الآية أنّ حكم صلاة الخوف هم حكم استثنائي طارىء ، وعلى المسلمين إذا ارتفعت عنهم حالة الخوف أن يؤدوا صلاتهم بالطريقة المعتادة (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ ...).
وتوضح الآية في النهاية سر التأكيد على الصّلاة بقولها إن الصّلاة فريضة ثابتة للمؤمنين وأنّها غير قابلة للتغيير : (... إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً).
إنّ عبارة «موقوت» من المصدر «وقت» ، وعلى هذا الأساس فإن الآية تبيّن أنّه حتى في ساحة الحرب يجب على المسلمين أداء هذه الفريضة الإسلامية ، لأنّ للصّلاة أوقات محددة لا يمكن تخطيها (٢).
ولكن الروايات العديدة التي وردت في شرح هذه الآية تبيّن أنّ عبارة
__________________
(١) للاطلاع أكثر عن الأحاديث التي وردت في هذا المجال راجع كتاب نور الثقلين الجزء الأوّل ، ص ٥٤٥.
(٢) ويؤيد كتاب كنز العرفان ، في الجزء الأوّل ، ص ٥٩ ، هذا المعنى ، كما جاء في تفسير التبيان وفي مجمع البيان أيضا ذكر هذا الأمر.