الإسراء ، إذ تقول (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها).
أو أنّ الآية المذكورة تشير إلى موضوع آخر أكّد عليه القرآن أيضا ، وهو أن جميع أفراد البشر هم جميعا كأعضاء جسد واحد ، فإذا أضر أحدهم بغيره فكأنما أضرّ بنفسه ، أي يكون بالضبط كالذي يصنع نفسه بنفسه.
والأمر الآخر في الآية أنّها لا تخص الذين يرتكبون الخيانة لمرّة واحدة ثمّ يندمون على ما فعلوا ، حيث لا ضرورة لاستعمال العنف والشدة مع هؤلاء ، بل هم بحاجة إلى الرأفة أكثر ، والشدّة يجب أن تطبق على أولئك الذين يحترفون الخيانة وتكون جزءا من حياتهم.
ويدل على هذه القرينة الواردة في الآية من خلال عبارة (يَخْتانُونَ) التي هي فعل مضارع يدل على الاستمرارية ، بالإضافة إلى القرينة الأخرى التي تفهم من عبارتي (خَوَّاناً) أي كثير الخيانة و (أَثِيماً) أي كثير الذّنب ، والكلمة الأخيرة جاءت لتأكيد عبارة «خوان» في الآية ، كما أنّ الآية السابقة جاءت بكلمة «خائن» التي هي اسم فاعل والتي لها معنى وصفي يدل على تكرار الفعل.
لقد تعرض الخائنون في الآية الأخرى إلى التوبيخ ، حيث قالت أن هؤلاء يستحيون أن تظهر بواطن أعمالهم وسرائرهم وتنكشف إلى الناس ، لكنهم لا يستحيون لذلك من الله سبحانه وتعالى ، إذ تقول الآية : (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ ...) فلا يتورع هؤلاء من تدبير الخطط الخيانية في ظلام الليل ، والتحدث بما لا يرضى الله الذي يراهم ويراقب أعمالهم ، أينما كانوا : (وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ وَكانَ اللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً).
بعد ذلك تتوجه الآية (١٠٩) من سورة النساء بالحديث عن شخص السارق الذي تمّ الدفاع عنه ، وتقول بأنّه على فرض أن يتمّ الدفاع عن هؤلاء في الدنيا فمن يستطيع الدفاع عنهم يوم القيامة ، أن من يقدر أن يكون لهؤلاء وكيلا ليرتب أعمالهم ويحل مشاكلهم؟! حيث تقول الآية : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي