مجموعة من معارف الدين بلحن لطيف وساحر من المناجاة والدعاء ، فإذا هي نعمة سماوية تدغدغ المشاعر ، وتثير الشعور ، وتحرك ما غفا من العقل والضمير.
ولهذا أولتها الأحاديث والأخبار المروية أهمية خاصّة ومكانة سامية بين غيرها من الآيات.
عن «عطاء بن رباح» قال : قلت لعائشة : أخبريني بأعجب ما رأيت من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قالت : وأي شأن لم يكن عجبا ، أنّه أتاني ليلة فدخل معي في لحافي ثمّ قال:ذريني أتعبد لربّي ، فقام فتوضأ ثمّ قام يصلي ، فبكى حتى سالت دموعه على صدره فركع فبكى ، ثمّ سجد فبكى ، ثمّ رفع رأسه فبكى فلم يزل كذلك حتى جاء بلال فأذنه بالصلاة ، فقلت : يا رسول الله ما يبكيك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟قال : أفلا أكون عبدا شكورا ، ولم لا أفعل وقد أنزل عليّ هذه الليلة : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ) ـ إلى قوله ـ (سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ) ثمّ قال : «ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها» (١) والعبارة الأخيرة التي تأمر الجميع ـ بتأكيد كبير ـ بأن يفكروا في هذه الآيات ، وقد رويت في روايت عديدة بعبارات مختلفة.
وفي رواية عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان إذا قام الصلاة الليل يسوك ، ثمّ ينظر إلى السماء ثمّ يقول : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...) إلى قوله تعالى : (فَقِنا عَذابَ النَّارِ) (٢).
وورد عن الأئمّة من أهل البيت عليهالسلام الأمر بقراءة هذه الآيات الخمس وقت القيام بالليل للصلاة (٣).
وعن نوف البكالي قال : بت ليلة عند أمير المؤمنين عليهالسلام فكان يصلي الليل
__________________
(١) تفسير الدر المنثور ، ج ٢ ، ص ١١١ ، وتفسير أبي الفتوح الرازي في ذيل هذه الآيات.
(٢) تفسير نور الثقلين ومجمع البيان.
(٣) المصدر السابق.