وثالثا : إنّ عقيدة الفداء من أجل الخطايا تعتبر خير مشجع على الفساد وممارسة الذنوب ، وتؤدي بالبشرية إلى التلوث والهلاك.
وحين تلاحظ أن القرآن يؤكّد على قضية عدم صلب المسيح عليهالسلام مع أنّ هذه القضية تظهر للعيان وكأنّها مسألة اعتيادية بسيطة ، من أجل دحض عقيدة الفداء الخرافية بشدّة ، لمنع المسيحيين من الإيغال في هذا الإعتقاد الفاسد ، ولكي يؤمنوا بأنّ طريق الخلاص والنجاة إنّما هو في أعمالهم هم أنفسهم وليس في ظل الصليب.
رابعا : هناك قرائن موجودة تثبت وهن وضعف قضية الإعتقاد بصلب المسيح عليهالسلام هي :
١ ـ المعروف أنّ الأناجيل الأربعة المتداولة في الوقت الحاضر ، والتي تشهد بصلب المسيح عليهالسلام ـ كانت قد دوّنت بعده بسنين طويلة ، وقد دوّنها حواريوه أو التالون من أنصارهعليهالسلام ـ وهذه حقيقة يعترف بها حتى المؤرخون المسيحيون.
كما نعرف أيضا أنّ حواري المسيح عليهالسلام قد هربوا حين هجم الأعداء عليه،والأناجيل نفسها تشهد بهذا الأمر (١) وعلى هذا الأساس فإنّ هؤلاء الحواريين قد تلقفوا مسألة صلب عيسى المسيح عليهالسلام من أفواه الناس الآخرين ، ولم يكونوا حاضرين أثناء تنفيذ عملية الصلب ، وقد أدت التطورات التي حصلت آنذاك إلى تهيئة الأجواء المساعدة للاشتباه بشخص آخر وصلبه بدل المسيح عليهالسلام ، وسنوضح هذا الأمر فيما يلي من حديثنا.
٢ ـ إنّ العامل الآخر الذي يجعل من الاشتباه بشخص آخر بدل المسيح عليهالسلام أمرا محتملا هو أنّ المجموعة التي كلّفت بالقبض على عيسى المسيح عليهالسلام والتي ذهبت إلى بستان «جستيماني» هذه المجموعة كانت تتشكل من أفراد الجيش الرومي الذين كانوا منهمكين في أمور عسكرية ، فهم لم يكونوا يعرفون اليهود
__________________
(١) لقد ترك الحواريون المسيح عليهالسلامفي ذلك الوقت وهربوا كلهم ... (من إنجيل متى، الإصحاح ٢٦ الجملة ٥٧).