وتجدر الإشارة ـ هنا ـ إلى أنّ الضمير في عبارة «قبل موته» يعود لأهل الكتاب بناء على التّفسير الذي ذكرناه.
٢ ـ قد يكون المقصود في الآية هو أنّ جميع أهل الكتاب يؤمنون بعيسى المسيح قبل موته ، فاليهود يؤمنون بنبوته والمسيحيون يتخلون عن الإعتقاد بربوبية المسيح عليهالسلام ، ويحدث هذا ـ طبقا للروايات الإسلامية ـ حين ينزل المسيح عليهالسلاممن السماء لدى ظهور المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه ، وواضح أن عيسى المسيح سيعلن في مثل هذا اليوم انضواءه تحت راية الإسلام ، لأن الشريعة السماوية التي جاء بها إنّما نزلت قبل الإسلام ، ولذلك فهي منسوخة به.
وبناء على هذا التّفسير فإن الضمير في عبارة «قبل موته» يعود إلى عيسى المسيحعليهالسلام.
وقد نقل عن النّبي محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله : «كيف بكم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم» (١) وطبيعي أنّ هذا التّفسير يشمل اليهود والمسيحيين الموجودين في زمن ظهور المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف ، ونزول عيسى المسيح عليهالسلام من السماء.
وجاء في تفسير «علي بن إبراهيم» نقلا عن «شهر بن حوشب» إنّ الحجاج ذكر يوما أن هناك آية في القرآن قد أتبعته كثيرا وهو حائر في معناها ، فسأله «شهر» عن الآية ، فقال الحجاج : إنّها آية (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ...) وذكر أنّه قتل يهودا ومسيحيين ولم يشاهد فيهم أثرا لمثل هذا الإيمان.
فأجابه «شهر» بأنّ تفسيره للآية لم يكن تفسيرا صحيحا ، فاستغرب الحجاج وسأل عن التّفسير الصحيح للآية.
فأجاب «شهر» بأنّ تفسير الآية هو أن المسيح ينزل من السماء قبل نهاية العالم،فلا يبقى يهودي أو غير يهودي إلّا ويؤمن بالمسيح قبل موته ، وأن المسيح
__________________
(١) مسند أحمد ، وصحيح البخاري ، وصحيح مسلم ، وسنن البيهقي ، كما جاء في تفسير الميزان.