معين غير ذات الجسم ، وعلى هذا الأساس فليس هناك أي اتحاد حقيقي أو ذاتي بين الجسم وصورته المنعكسة في المرآة ، وهذه قضية يدركها حتى الدارس المبتدي لعلم الفيزياء.
أمّا في مثال المثلث فالأمر واضح كما في المثالين السابقين ، حيث أن زوايا المثلث المتعددة لا علاقة لها بالبداهة بالامتداد الداخلي الحاصل للزوايا ، والذي يوصلها جميعا إلى نقطة واحدة.
والذي يثير العجب ـ أكثر من ذلك ـ هو محاولة بعض المسيحيين المستشرقين مطابقة قضية «التوحيد في التثليث» مع نظرية «وحدة الوجود» التي يقول بها الصوفيون(١) والأمر الواضح من غير دليل ـ في هذا المجال ـ هو إنّما لو قبلنا بالنظرية الخاطئة والمنحرفة القائلة بوحدة الوجود ، لاقتضى ذلك منّا أن نذعن بأن كل موجودات العالم أو الكون هي جزء من ذات الله سبحانه وتعالى ، بل الإذعان بأنّها هي عين ذاته.
عند ذلك لا يبقى معنى للتثليث ، بل تصبح جميع الموجودات ـ صغيرها وكبيرها ـ جزءا أو مظهر الله سبحانه ، وعلى هذا الأساس فلا يمكن تطابق نظرية التثليث المسيحية بالنظرية الصوفية القائلة بوحدة الوجود بأي شكل من الأشكال ، علما بأن النظرية الصوفية هذه قد دحضت وبان بطلانها.
٦ ـ يقول بعض المسيحيين ـ أحيانا ـ إنّها حين يسمّون المسيح عليهالسلام بـ «ابن الله» إنّما يفعلون ذلك كما يفعل المسلمون في تسمية سبط الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم الحسين بن علي بن أبي طالب عليهالسلام بـ «ثار الله وابن ثاره» أو كالتسمية التي وردت في بعض الروايات لعلي بن أبي طالب عليهالسلام حيث سمى فيها بـ «يد الله» ، وهؤلاء المسيحيون يفسرون كلمة «ثار» بأنّها تعني الدم ، أي أنّ العبارة الواردة في الحسين الشهيد عليهالسلام
__________________
(١) المراد بوحدة الوجود عند الصوفية ، هي وحدة الموجود ، ويستدلون بها على أن الوجود ليس أكثر من واحد يظهر في صور مختلفة ، وإن هذا الواحد هو الله.