العاشرة للهجرة التي أدى فيها النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم آخر حجّة إلى مكّة المكرمة هي حجّة الوداع، يتّضح أنّ المراد بهذه الكلمة مناسك الحج التي كلف المسلمون باحترامها كلّها ، ويؤكّد هذا الرأي مجيء كلمة «الشّعائر» في القرآن الكريم مقترنة بالحديث عن مناسك الحج دائما (١).
٢ ـ دعت الآية إلى احترام الأشهر الحرم وهي شهور من السنة القمرية ، كما نهت عن الدخول في حرب في هذه الشهور ، حيث قالت : (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ ...).
٣ ـ حرمت الآية المساس بالقرابين المخصصة للذبح في شعائر الحج ، سواء ما كان منها ذا علامة وهو المسمّى بـ «الهدي» (٢) أو تلك الخالية من العلامات والتي تسمّى بـ «القلائد» (٣) أي نهت عن ذبحها وأكل لحومها حتى تصل إلى محل القربان للحج وتذبح فيه ، فقالت الآية : (وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ ...).
٤ ـ أوجبت الآية توفير الحرية التامّة لحجاج بيت الله الحرام أثناء موسم الحج ، الذي تزول خلاله كل الفوارق القبلية والعرقية واللغوية والطبقية ، ونهت عن مضايقة المتوجهين إلى زيارة بيت الله الحرام ابتغاء لمرضاته ، أو حتى الذين توجهوا إلى هذه الزيارة وهم يحملون معهم أهدافا أخرى كالتجارة والكسب الحلال لا فرق فيهم بين صديق أو غريم ، فما داموا كلهم مسلمين وقصدهم زيارة بيت الله ، فهم يتمتعون بالحصانة كما تقول الآية الكريمة : (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً ...).
يعتقد بعض المفسّرين والفقهاء أنّ الجملة القرآنية المذكورة أعلاه ذات معنى عام وتشمل غير المسلمين ، أي المشركين أيضا إن هم جاءوا لزيارة بيت الله الحرام يجب أن يتعرضوا للمضايقة من قبل المسلمين.
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ١٥٨ وسورة الحج ، الآيتان ٣٢ و ٣٦.
(٢) الهدى جمع «هدية» وهو يعني هنا المواشي التي تهدى لتكون قرابين إلى بيت الله الحرام.
(٣) القلائد جمع «قلادة» وهي الشيء الذي يوضع حول رقبة الإنسان أو الحيوان ، وتعني هنا المواشي التي تعلم بالقلائد لذبحها في مراسم الحج.