الجاهلي ، ودعى المسلمين إلى التعاون في أعمال الخير والمشاريع النافعة والبناءة فقط ، ونهى عن التعاون في الظلم والعدوان.
والطريق في هذا المجال هو مجيء كلمتي «البر» و «التقوى» معا وعلى التوالي في الآية،حيث أنّ الكلمة الأولى تحمل طابعا إيجابيا وتشير الى الأعمال النافعة ، والثانية لها طابع النهي والمنع وتشير إلى الامتناع عن الأعمال المنكرة ـ وعلى هذا الأساس ـ أيضا ـ فإن التعاون والتآزر يجب أن يتمّ سواء في الدّعوة إلى عمل الخير ، أو في مكافحة الأعمال المنكرة.
وقد استخدم الفقه الإسلامي هذا القانون في القضايا الحقوقية ، حيث حرّم قسما من المعاملات والعقود التجارية التي فيها طابع الإعانة على المعاصي أو المنكرات ، كبيع الأعناب إلى مصانع الخمور أو بيع السلاح إلى أعداء الإسلام وأعداء الحق والعدالة ، أو تأجير محل للاكتساب لتمارس فيه المعاملات غير الشرعية والأعمال المنكرة (وبديهي أن لهذه الأحكام شروطا تناولتها كتب الفقه الإسلامي بالتوضيح).
إنّ إحياء هذا المبدأ لدى المجتمعات الإسلامية ، وتعاون المسلمين في أعمال الخير والمشاريع النافعة البناءة دون الاهتمام بالعلاقات الشخصية والعرقية والنسبية ، والامتناع عن تقديم أي نوع من التعاون إلى الأفراد الذين يمارسون الظلم والعدوان ، بغض النظر عن تبعية أو انتمائية الفئة الظالمة ، كل ذلك من شأنه أن يزيل الكثير من النواقص الاجتماعية.
أمّا في العلاقات الدولية ، فلو امتنعت دول العالم عن التعاون مع كل دولة معتدية ـ أيّا كانت ـ لقضي بذلك على جذور العدوان والاستعمار والاستغلال في العالم ، ولكن حين ينقلب الوضع فتتعاون الدول مع المعتدين والظالمين بحجّة أنّ مصالحهم الدولية تقتضي ذلك ، فلا يمكن توقع الخير أبدا من وضع كالذي يسود العالم اليوم.
لقد تناولت الأحاديث والروايات الإسلامية هذه القضية بتأكيد كبير،