المصيرية ، وهي يأس الكفار ، وإكمال الدين ، وإتمام النعمة ، وقبول الله لدين الإسلام دينا ختاميا لكل البشرية؟
لقد قال المفسّرون الكثير في هذا المجال ، وممّا لا شك فيه ولا ريب أن يوما عظيما في تاريخ حياة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ كهذا اليوم ـ لا يمكن أن يكون يوما عاديا كسائر الأيّام ، ولو قلنا بأنّه يوم عادي لما بقي مبرر لإضفاء مثل هذه الأهمية العظيمة عليه كما ورد في الآية.
وقيل أنّ بعضا من اليهود والنصارى قالوا في شأن هذا اليوم بأنّه لو كان قد ورد في كتبهم مثله لاتّخذوه عيدا لأنفسهم ولاهتموا به اهتماما عظيما (١).
ولنبحث الآن في القرائن والدلائل وفي تاريخ نزول هذه الآية وتاريخ حياة النّبيصلىاللهعليهوآلهوسلم والروايات المختلفة المستفادة من مصادر إسلامية عديدة ، لنرى أي يوم هو هذا اليوم العظيم؟
ترى هل هو اليوم الذي أنزل فيه الله الأحكام المذكورة في نفس الآية والخاصّة بالحلال والحرام من اللحوم؟
بديهي أنّه ليس ذلك لأنّ نزول هذه الأحكام لا يوجب إعطاء تلك الأهمية العظيمة،ولا يمكن أن يكون سببا لإكمال الدين ، لأنّها لم تكن آخر الأحكام التي نزلت على النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والدليل على هذا القول ما نراه من أحكام تلت الأحكام السابقة في نزولها ، كما لا يمكن القول بأن الأحكام المذكورة هي السبب في يأس الكفار ، بل إنّ ما يثير اليأس لدى الكفار هو إيجاد دعامة راسخة قوية لمستقبل الإسلام ، وبعبارة أخرى فإنّ نزول أحكام الحلال والحرام من اللحوم لا يترك أثرا في نفوس الكفار ، فما ذا يضيرهم لو كان بعض اللحوم حلالا وبعضها الآخر حراما؟!
فهل المراد من ذلك «اليوم» هو يوم عرفة من حجّة الوداع ، آخر حجّة قام بها
__________________
(١) تفسير المنار ، ج ٦ ، ص ١٥٥.