(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ...) الواردة في واقعة «غدير خم» حول قضية الخلافة بعد النّبيصلىاللهعليهوآلهوسلم لم تقتصر كتب الشيعة وحدهم على ذكرها ، بل تناقلها ـ أيضا ـ الكثير من كتب السنّة من طرق متعددة عن ثلاثة من الصحابة المعروفين.
لقد أعادت الآية ـ في نهايتها ـ الكرة في التحدث عن اللحوم المحرمة فبيّنت حكم الاضطرار في حالة المعاناة من الجوع إذ أجازت تناول اللحم المحرم بشرط أن لا يكون هدف الشخص ارتكاب المعصية من تناول ذلك ، مشيرة إلى غفران الله ورحمته في عدم إلجاء عباده عند الاضطرار إلى تحمل المعاناة والمشقة ، وعدم معاقبتهم في مثل هذه الحالات. قالت الآية الكريمة : (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
والمراد بالمخمصة هنا الجوع الشديد الذي يؤدي إلى انخماص البطن ، سواء كان بسبب حالة المجاعة العامّة ، أو كان ناتجا عن الحرمان الخاص.
أمّا عبارة (غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ) فمعناها غير مائل إلى ارتكاب الذنب ، وقد يكون الإتيان بها تأكيدا لمفهوم الاضطرار ، أو أنّ الهدف منها هو المنع من الإفراط في أكل اللحم الحرام أثناء الضرورة ، توهما من الشخص بأن ذلك حلال في مثل هذه الحالة ، ومنعا من أن يحاول الشخص بنفسه إعداد مقدمات الاضطرار أو أن يحصل الاضطرار أثناء قيام الشخص بسفر من أجل ارتكاب الحرام فيه.
هذه المعاني كلها يحتمل ورودها ضمن العبارة الأخيرة الماضية «ولأجل الاطلاع على توضيحات أكثر في هذا المجال ، راجع الجزء الأوّل من تفسيرنا هذا».
* * *