وغيرهم ، وأحلت طعام بعضهم لبعض كما أحلت التزواج فيها بينهم (ولكن على أساس الشروط التي سنبيّنها).
جدير بالقول أنّ الذين لا يرون طهارة أهل الكتاب يشترطون أن يكون طعامهم خاليا من الرطوبة أو البلل ، وإذا كان الطعام رطبا يشترط أن لا تكون أيادي أهل الكتاب قد مسته لكي يستطيع المسلمين تناول هذا الطعام ، كما يرى هؤلاء عدم جواز تناول طعام أهل الكتاب إن لم تتوفر الشروط المذكورة فيه.
إلّا أنّ مجموعة أخرى من العلماء الذين يرون طهارة أهل الكتاب ، لا يجدون بأسا في تناول الطعام مع أهل الكتاب والحلول ضيفا عليهم ، شرط أن لا يكون طعامهم من لحوم ذبائحهم وأن يحصل اليقين من براءته من نجاسة عرضية (كأن يكون قد تنجس باختلاطه أو ملامسته للخمرة أو الجعة «ماء العشير»).
وخلاصة القول : إنّ الآية ـ موضوع البحث ـ جاءت لترفع الحدود والقيود السابقة الخاصّة بمعاشرة أهل الكتاب ، والدليل على ذلك هو إشارة الآية لإباحة طعام المسلمين لأهل الكتاب ، أي السماح للمسلمين باستضافتهم ، كما تتطرق الآية بعد ذلك مباشرة إلى حكم التزاوج بين المسلمين وأهل الكتاب (أي الزواج بنساء أهل الكتاب).
وبديهي أنّ النظام الذي يمتلك السيطرة الكاملة على أوضاع المجتمع ، هو وحده القادر على إصدار مثل هذا الحكم لمصلحة أتباعه دون أن يساوره أي قلق بسبب الأعداء،وقد ظهرت هذه الحالة في الحقيقة في يوم غدير خم ، أو في يوم عرفة في حجّة الوداع كما اعتقده البعض ، أو بعد فتح خيبر ، مع أن يوم غدير خم هو الأقرب إلى هذا الموضوع.
أورد صاحب تفسير المنار في كتابه اعتراضا آخر في تفسير هذه الآية ، حيث يقول بأنّ كلمة «طعام» وردت في كثير من آيات القرآن بمعنى كل أنواع الطعام ، وهي تشمل اللحوم أيضا ، فكيف يمكن تقييد الآية بالحبوب والفواكه