ولعل استخدام كلمة «بالحق» في هذه الآية جاء للإشارة إلى أن القصّة المذكورة قد أضيفت لها خرافات مختلفة ، ولبيان أنّ القرآن الكريم جاء بالقصة الحقيقية التي حصلت بين ولدي آدم عليهالسلام.
ولا شك أنّ كلمة «آدم» الواردة في الآية ، تشير إلى أبي البشرية الحاضرة ، وإنّ ما ذهب إليه البعض مع أنّها إشارة إلى شخص من بني إسرائيل اسمه «آدم» لا أساس له من الواقع ، لأنّ هذه الكلمة استخدمت مرارا في القرآن للدلالة على اسم أبي البشرية ، فلو صحّ الافتراض الأخير لوجب أن تشتمل الآية ـ أو الآيات ـ التي بعدها على قرينة تصرف الاسم عن مسماه الحقيقي الأوّل ، ولا يمكن لآية (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ ...) التي سيأتي تفسيرها قريبا، أن تكون قرينة على الافتراض المذكور كما سيأتي تفصيله.
وتواصل الآية سرد القصّة فتقول : (إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ ...)
وقد أدت هذه الواقعة إلى أن يهدد الأخ ـ الذي لم يتقبل الله القربان منه ـ أخاه بالقتل ويقسم أنّه قاتله لا محالة ، كما جاء في قوله تعالى في الآية : (قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ) أما الأخ الآخر فقد نصح أخاه مشيرا إلى أن عدم قبول القربان منه إنّما نتج عن علّة في عمله،وأنّه ليس لأخيه أي ذنب في رفض القربان ، مؤكدا أنّ الله يقبل أعمال المتقين فقط حيث تقول الآية : (قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ).
وأكد له أنّه لو نفذ تهديده وعمد إلى قتله ، فإنه ـ أي الأخ الذي تقبل الله منه القربان ـ لن يمد يده لقتل أخيه ، فهو يخاف الله ويخشاه ، ولن يرتكب أو يلوث يده بمثل هذا الإثم حيث تقول الآية : (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ).
وأضاف هذا الأخ الصالح ـ مخاطبا أخاه الذي أراد أن يقتله ـ أنّه لا يريد أن