فكلمة «الوسيلة» في الأصل بمعنى نشدان التقرب أو طلب الشيء الذي يؤدي إلى التقرب للغير عن ميل ورغبة ، وعلى هذا الأساس فإن كلمة «الوسيلة» الواردة في هذه الآية لها معان كثيرة واسعة ، فهي تشمل كل عمل أو شيء يؤدي إلى التقرب إلى الله سبحانه وتعالى ، وأهم الوسائل في هذا المجال هي الإيمان بالله وبنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم والجهاد في سبيل الله،والعبادات كالصّلاة والزكاة والصوم ، والحج إلى بيت الله الحرام وصلة الرحم والإنفاق في سبيل الله سرّا وعلانية وكذلك الأعمال الصالحة ـ كما يقول الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام في خطبة له وردت في «نهج البلاغة» منها : «إنّ أفضل ما توسل به المتوسلين إلى الله سبحانه وتعالى الإيمان به وبرسوله والجهاد في سبيله فإنّه ذروة الإسلام وكلمة الإخلاص فإنّها الفطرة ، وإقامة الصّلاة فإنّها الملّة (١) ، وإيتاء الزكاة فإنّها فريضة واجبة، وصوم شهر رمضان فإنه جنة من العقاب ، وحج البيت واعتماره فإنهما ينفيان الفقر ، ويرحضان (٢) الذنب ، وصلة الرحم فإنها مثراة (٣) في المال ومنساة (٤) في الأجل وصدقة السرّ فإنّها تكفر الخطيئة ، وصدقة العلانية فإنّها تدفع ميتة السوء ، وصنائع المعروف فإنّها تقي مصارع الهوان ...» (٥).
كما أن شفاعة الأنبياء والأئمّة والأولياء الصالحين تقرّب ـ أيضا ـ إلى الله وفق ما نصر عليه القرآن الكريم ، وهي داخلة في المفهوم الواسع لكلمة «الوسيلة» ـ وكذلك إتّباع النّبي والإمام والسير على نهجهما ، كل ذلك يوجب التقرب إلى الساحة الإلهية المقدسة. وحتى عند ما نقسم على الله بمقام الأنبياء والأئمّة والصالحين فأنّه يدلّ على حبّنا لهم والاهتمام بالدين الذي دعوا إليه ، هذا
__________________
(١) الملة شريعة الإسلام.
(٢) يرحضان يطهران أو يغسلان.
(٣) مثراة مكثرة.
(٤) منساة مطيلة.
(٥) نهج البلاغة ، الخطبة ١١٠.