لأنهم فقراء لا يملكون إلّا قوة البدن وعمل اليد فيرتزقون عليها ـ وإذا فقدوا العمل ـ فقدوا الرزق كما العمال والفلاحين فيسخر المنافقون الذين غالبا ما يكونون من الطبقة المترفة منهم.
(سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)
حين يرون نتائج أعمالهم فتلك سخرية واقعية ، وهذه سخريتهم لفظية كلامية لا أثر لها ، وعلينا ألّا ننهزم أمام سخرية المنافقين ، ولا يفقد المؤمن إحساسه بشخصيته امام سخرية المنافق حتى ولو كان الأخير أغنى منه وأقدر ، كما يجب ألّا يستقل المؤمن عطاءه في الله ان لم يكن يملك غيره لان الله لا ينظر الى قدر العطاء بل الى قدر المعطي وسلامة نيته. من هنا سئل الرسول (ص ) عن أفضل الصدقات فقال : «جهد المقل». (١)
هل يجوز أن نستغفر للمنافق؟
[٨٠] لان المنافقين يلمزون ويسخرون من المؤمنين فان غناهم أو جاههم الظاهر يجب ألّا يدعونا الى احترامهم أو طلب الخير لهم ، فما داموا كافرين فكريا وفاسقين عمليا فان حدود الايمان تفصلهم عنا ، فهم أمة ونحن أمة برغم الاختلاط والقرابة بيننا وبينهم.
وقد يستبد بالمؤمن الحنان البشري والعطف فيحاول هداية المنافقين ، فيدعوه ذلك الى التقرب منهم بدل منابذتهم العداء ، والقرآن ينهى عن ذلك ويقول : حتى لو فعلتم مثل ذلك فان الله قد اتخذ منهم موقفا شديدا بسبب كفرهم وفسقهم.
__________________
(١) مجمع البيان ج ٥ / ٥٥.