مضرّة بالنسبة الى القلب المريض ، وهكذا الكلمة الحق بالنسبة الى القلب السليم هدى وموعظة. بينما هي بالذات تتحول بالنسبة الى القلب المريض ضلالة ورجسا. كيف؟
لنضرب مثلا : انك تنصح أخاك وتقول له : اقرأ كتاب نهج البلاغة ، وهو بدوره يرى فيك الأخ الناصح ويتقبّل نصيحتك ولكن إذا قلت ذات الكلمة لعدوك فلأنه مصاب بعقدة تجاهك يفسر كل كلمة منك على أنها أسلوب تستخدمه لتحطيمه. فانه سوف يترك قراءة نهج البلاغة لو كان يقرؤه سابقا ، وكذلك لو ألقيت هذه الكلمة الناصحة على شخص متكبر مغرور بنفسه فلا يكون رد فعله سوى الاستياء منك ومن الكتاب الذي تأمره بمطالعته ، وهكذا كانت بعض القبائل من قريش الذين كانوا يعتبرون بني هاشم منافسا تاريخيا لهم ، كانت مواقفهم من الرسالة نابعة من هذه العقدة. فعارضوا الرسالة ، وازدادوا معارضة لأفكارها وتوجيهاتها الحقة لمجرد أنها تجلّت في بيت بني هاشم.
التفسير الخاطئ للاحداث وسببه :
[١٢٦] وكما موقف القلب المريض من الكلمة الحق ، موقف عكسي مضر كذلك موقف الإنسان ذي الرؤية الفاسدة من الظاهرة الخارجية ، فبدل أن يفسّرها تفسيرا مناسبا تراه يفسّرها معكوسة ويعمل حسب ذلك التفسير. فاذا وجد تخلّفا في حياته الاجتماعية فسّره على أنه نتيجة تمسّكه بالتقاليد الأصيلة فتركها وازداد تخلّفا. بينما كان عليه أن يفسّرها على أنها نتيجة تبعيّته للآخرين وتكاسله عن العمل.
وهكذا الفتنة التي هي ظاهرة صعبة في الحياة الاجتماعية مثلا : الفقر والمرض والحرب والمجاعة ، كل ذلك أشارات خطر تدل على سلوك فاسد لذلك الإنسان ، ولكنها بالنسبة الى المنافقين ذوي القلوب المريضة والرؤوس الفاسدة ، ليست نافعة