متعلق بمشيئة الله ، فهو كالنصر في الحروب لا يمكن اليقين به مائة بالمائة.
(وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ)
فالله يأذن للنفس البشرية أن تقتبس شعلة من نور الايمان ، بعد أن توفر النفس في ذاتها كل العوامل الممكنة ، وتتصل بربّها عن طريق الضراعة والتبتل ، وإذا كانت النفس منطوية على غل أو فساد ، فان الله العليم والمحيط بأبعاد النفس لا يأذن لها بالايمان ، وهذه الحقيقة تدعونا أولا الى اعتبار الايمان مستوى رفيعا لا يبلغه الفرد الّا بعد جهاد صعب ، وبعدئذ فهو فضل من الله.
ثم ان الايمان حقيقة خارجية ، حيث أنه رؤية واضحة ، وعرفان شامل ، وتطويع للشهوات ، وترويض للنفس الجموحة ، فهو عموما رحمة من الله ، ان الكفر نقمة ينزلها الله على من لا يعمل جاهدا من أجل الحصول على الايمان.
(وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ)
والذين لا يبلغون مستوى الايمان هم الذين لا ينتفعون بنور العقل الذي زودوا به من قبل الله ، فوقعوا في رجس الجهل والشهوات.
هل نتفكر؟
[١٠١] ان الفرد الذي ينتفع بعقله يكفيه أن ينظر الى ملكوت السموات والأرض ، الى الجبال الراسية التي تحفظ الأرض من أن تميد ، وتترابط من داخلها بطبقات صخرية ، وتحتفظ في أجوافها بأحواض ماء عذب تتفجر عيونا وتجري أنهارا ، كما تخزن المعادن الثمينة من الذي وضعها مواضعها ، وثبت بها الأرض التي انبسطت أمامها مهادا للناس ، يتخذون من ترابها اللين فراشا ، ومستقرا ، ويزرعونها لمعاشهم؟