ذكر ما جاء فى فتحها
قالت عائشة (١) رضى الله عنها : «كل البلاد افتتحت بالسيف ، وافتحت المدينة بالقرآن».
قال الحافظ مجد الدين بن النجار فى تاريخه : فالمدينة الشريفة لم تفتح بقتال إنما كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعرض نفسه فى كل موسم على قبائل العرب ويقول : «ألا رجل يحملنى إلى قومه فإن قريشا قد منعونى أن أبلغ كلام ربى» فيأتونه ويقولون له : قوم الرجل أعلم به ، حتى لقى فى بعض السنين عند العقبة نفرا من الأوس والخزرج ، قدموا فى المنافرة التى كانت بينهم فقال لهم : «من أنتم؟» فقالوا : نفر من الخزرج.
قال : «أمن موالى يهود؟» قالوا : نعم ، قال : «أفلا تجلسون أكلمكم» قالوا : بلى ، فجلسوا معه فدعاهم إلى الله عزوجل وعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن.
وكانوا أهل شرك أصحاب أوثان ، وكانوا إذا كان بينهم وبين اليهود الذين معهم بالمدينة شىء قالت اليهود لهم ، وكانوا أصحاب كتاب وعلم : إن النبى صلىاللهعليهوسلم (ق ١١) مبعوث الآن ، وقد أظل زمانه فنتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم ، فلما كلم رسول الله صلىاللهعليهوسلم أولئك النفر ودعاهم إلى الله تعالى قال بعضهم لبعض : يا قوم تعلمون والله أنه النبى الذى توعدكم به يهود فلا تسبقنكم إليه فاغتنموه وآمنوا به ، فأجابوه فيما دعاهم إليه وصدقوه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام.
وقالوا إنا قد تركنا قومنا وبينهم من العداوة والشر ما بينهم وعسى أن يجمعهم الله
__________________
(١) هى عائشة أم المؤمنين بنت أبى بكر الصديق ، كان فقهاء أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم يرجعون إليها ، وتفقه بها جماعة ، يروى عن أبى موسى قال : ما أشكل علينا أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علم. ماتت سنة ٥٧ ه.