وعن عبد الرزاق (١) أن قائله هو العمرى الزاهد.
قال التوربشتى فى شرح المصابيح : وما ذكره ابن عيينة وعبد الرزاق فهو محمول منهما على غلبة الظن دون القطع به ، وقد كان مالك رحمهالله تعالى حقيقا بمثل هذا الظن فإنه كان إمام دار الهجرة والمرجوع بها إليه فى علم الفتيا وكذلك العمرى الزاهد ، وهو عبد الله بن عمر رضى الله عنهما بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهم ، وقد كان نسيج وحده وكان من عباد الله الصالحين المشائين فى عباده (ق ٣٠) وبلاده بالنصيحة ، ولقد كان بلغنا أنه يخرج إلى البادية ليتفقد أحوالها شفقة منه عليهم وإذا ألحق النصيحة فيهم فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وكان يقول لعلماء المدينة : شغلكم طلب الجاه وحب الرياسة عن توفية العلم حقه فى إخوانكم من المسلمين ، تركتموهم فى البوادى والفلوات يعمهون فى أودية الجهل ومنبهة الضلال ، أو كلاما هذا معناه.
قال التوربسى ولو جاز لنا أن نتجاوز الظن فى مثل هذه القضية لكان قولنا إنه عمر أولى من قوله إنه العمرى مع القطع به ، فقد لبث بالمدينة أعواما يجتهد فى تمهيد الشرع وتبين الأحكام ، ولقد شهد له أعلام الصحابة بالتقوى فى العلم حتى قال ابن مسعود (٢) رضى الله عنه يوم استشهد عمر رضى الله عنه : لقد دفن بموته تسعة اعشار العلم ، انتهى.
__________________
(١) هو عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميرى مولاهم أبو بكر الصنعانى أحد الأعلام ، روى عن أبيه وابن جريج ، ومعمر والسفيانين ، والأوزاعى ، ومالك ، وخلق ، وعنه أحمد وإسحاق وابن المدينى وأبو أسامة ووكيع وخلق ، مات سنة ٢١١ ه.
(٢) هو أبو عبد الرحمن الهذلى عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وخادمه ، وأحد السابقين الأولين ، ومن كبار البدريين ، ومن نبلاء الفقهاء والمقرئين ، كان ممن يتحرى فى الأداء ويشدد فى الرواية ويزجر تلاميذه عن التهاون فى ضبط الألفاظ ، وكان من أوعية العلم وأئمة الهدى.
مات بالمدينة سنة ٣٢ ه.