منصور الاعتكاف واجبا ، وصار حلس بيته ، مترفعا عن حضور المجامع والمحافل وأبواب الملوك ، وأقبل على تحصيل السعادة الأخروية ، وعند ما حضرته الوفاة أعطى من حساب زكاته اثني عشر ألف دينار نيسابوري للإمام محمد بن علي الزّانكيّ (١) لتنفق في وجوهها ، وإن هذا لهو الفوز العظيم ، ولمثل هذا فليعمل العاملون.
[٥٧] وكان السيد الأجل أبو الحسين (٢) صاحب الأرزاق قد بويع بالخلافة في نيسابور ، وخطب له بالخلافة مدة أربعة اشهر ، قام بعدها أمير خراسان بإرسال من أخذه منفيا إلى بخارى ، إلا أنهم أعادوه من هناك مكرّما ، وهو أول علوي كتبت له الأرزاق من دواوين السلاطين بخراسان.
وقد روى السيد الأجل أبو جعفر (٣) الأحاديث عن الحاكم أبي عبد الله الحافظ ، وكان له ابنان : أبو المحاسن الحسين ، وأبو الحسن علي ، وأمهما هي بنت الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطّبرسيّ (٤) ، وكان لأبي علي هذا أشعار كثيرة ذكرها الشيخ
__________________
(١) في الأصول ، الزشكي ورجحنا الزّانكيّ ، وهو محمد بن علي بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (لباب الأنساب ، ٢ / ٦٤٥).
(٢) أبو الحسين محمد بن أحمد بن عبد الله المفقود المتوفى سنة ٣٣٩ ه. قال ابن عنبة في عمدة الطالب (ص ٣٤٧): «ادعى الخلافة بنيسابور واجتمع الناس عليه أربعة أشهر ، وخطبوا على المنابر باسمه في نواحي نيسابور ، وقيل إنه بايع له عشرة آلاف رجل بنيسابور ، فلما قرب وقت خروجه علم بذلك أبو علي فقيّده ثم رفعه إلى خليفة حمويه بن علي صاحب جيش نصر بن أحمد الساماني ، فحمل مقيدا إلى بخارى وحبس بها مقدار سنة أو أكثر ثم أطلق عنه ، وكتب له مئتا درهم مشاهرة ، فرجع إلى نيسابور ومات». انظر أيضا : الشجرة المباركة ، ١٨٧ ، وفيه أنه حمل مقيدا إلى بخارى ثم حمل إلى بغداد وحبس مقدار سنة ... ؛ الأنساب ، ٣ / ١٢٩ ، وفيه : «كان أول علوي أثبت رزقه بخراسان» ؛ وفي لباب الأنساب (٢ / ٤٩٥) : أنه لقب بعد إعلانه نفسه خليفة بالعاضد وأن «الأمير نصرا حبسه مدة ثم رأى بسببه رؤيا هائلة ، فاعتذر إليه وأمر بإطلاق سراحه وأرزاقه».
(٣) هو أبو جعفر أحمد بن محمد بن عبد الله المفقود ، الملقب بزبارة.
(٤) سيترجم المؤلف للطبرسي هذا فيما بعد وفي الأصول : الفضل بن محمد ، وهو تحريف.