ولما وصل مخلد إلى الشام ، رضي عنه عمر بن عبد العزيز ، كما أطلق سراح أبيه بشفاعته.
ثم مرض مخلد ، وبسبب مرضه ، امتنع أبوه يزيد عن تناول الطعام والشراب ، فلما انتقل مخلد إلى جوار رحمة الخالق ، لم يظهر يزيد الجزع ، وانشغل بأعماله وقال : لقد ذهب ولدي ، ولا ينبغي أن أضيع من يدي أجر الصابرين :
فقيدك لا يأتي وأجرك يذهب
وكان عمر مخلد لما فارق الدنيا ستا وعشرين سنة ، وصلى عليه الخليفة عمر بن عبد العزيز ، ووقف على قبره وقال : لو أراد الله بيزيد بن المهلب خيرا لأبقى له هذا الفتى ، فإنه من فتيان العرب.
قال حمزة بن بيض في رثائه (١) :
[٨٩] أ مخلد هجت حزني واكتئابي |
|
وسدّ علي يوم هلكت بابي |
وعطّلت الأسرّة منك إلا |
|
سريرك يوم زيّن بالثياب |
ولما ثقل المرض بعمر بن عبد العزيز ، انتقل يزيد بن المهلب مع أهله وخدمه إلى البصرة ، فوصلها ليلة النصف من رمضان سنة إحدى ومئة.
ثم إن يزيد بن عبد الملك أرسل أخاه مسلمة لحرب يزيد بن المهلب ، الذي انصرف عنه أعوانه ، فقتل على يد مسلمة.
ويزيد بن المهلب هو القائل : إن سكني في الدنيا ببيتين : إما السجن أو قصر الإمارة.
__________________
(١) من قصيدة له في تاريخ مدينة دمشق (٥٨ / ١٧٠) وقد ورد عجز البيت الأول بشكل : «وفلّ عليك يوم هلكت نابي».