أرسلان (١) في قصبة سبزوار بشكل أثار العجب ، وكان رجلا تقيا قضى عمره بالمروءة ، وأنجب أربعة أبناء هم : أبو القاسم وعلي ومحمد وأبو الفضل ، وجوههم مزهرة محبوبة كأنّ جمال العصر من جمالهم ، وبهجة الخواطر من رواء مناظرهم.
ذهب يوما مع أبنائه للعميد صفي الدين تاج الرؤساء أبي سعد الفضل بن علي المزينانيّ (٢) ـ وكان العميد أبو هذا رجلا عاقلا فاضلا ؛ وهو وإن لم يكن من أصحاب البيوتات إلا أنه كان صاحب دولة وأمينا للسلاطين ـ فسأل [١١٤] هذا العميد الأبناء ليعرف ما إذا كانوا يجيدون صناعة ما ، فوجدهم صورا بلا معنى ، قنعوا من دنياهم بمجرد النسب والنعمة ؛ فقال العميد أبو سعد : إن هذا البيت لن يدوم ، فالمال غاد ورائح ، ولن يحفظ مال الدنيا بغير معرفة ، ولا يكفي النسب لوحده ، وهكذا كان ، فقد انتقل بعضهم إلى الدار الآخرة وهو لما يزل شابا ، وابتلي بعضهم بالعوز والفقر ، ولم يبق منهم اليوم إلا قليل :
لم يبق منهم ومن أموالهم أثر |
|
والدهر كالسيل لا يبقي ولا يذر |
ومن رسائل الشيخ الفقيه أميرك أبي زيد أحمد بن علي بن إسماعيل البروقنيّ ، تلك التي كتبها إلى الأمير نصر بن ناصر الدين (٣) أخي السلطان محمود بن سبكتكين : كتبت ـ أدام الله جلالة مولانا الأمير العالم صاحب الجيش ـ وحالي بما لا أزال أتعرفه من فضل حسن آرائه ، وأتجمل به من لباس عز ولائه ؛ أحسن الأحوال ،
__________________
(١) ورد ذكره في حوادث سنة ٤٩٠ ه من الكامل في التاريخ ، باسم بوربرس ، وقد قتل في هذه السنة (أخبار الدولة السّلجوقيّة ، ٨٦). وقد ذكر ابن الفوطي (٢ / ٣٨٣) عين الرؤساء هذا فقال إنه «عين الدين أبو محمد الحسين بن علي بن أبي نعيم البيهقيّ الحاسب ...».
(٢) سيشير المؤلف إلى تعميره سور سبزوار سنة ٤٥٥ ه ، وهي الواقعة التي سينقلها ابن الفوطي (٥ / ٢٣٦).
(٣) تولى قيادة بعض الحملات العسكريّة خلال مراحل تثبيت حكم آل سبكتكين ، عينه أخوه محمود حاكما على سجستان إضافة إلى قيادته الجيش وذلك في سنة ٣٩٤ ه (مجمل فصيحي ، ٢ / ١٠٩).