شمس الدين ، وعلى فخر الدين بن عساكر ، وبرع في المذهب وقرأ الخلاف ، وقلّ من نشأ مثله في صيانته وديانته واشتغاله ورياسته ، ودرّس في سنة خمس عشرة ، وأفتى بعد ذلك وناب في القضاء عن أبيه ، ثم ولي وكالة بيت المال ، ودرّس بالاقبالية والجاروخية ، وولي القضاء مدة ، ورجع من عند هولاكو متمرضا وأدركه الموت ببعلبك في جمادى الآخرة ، وله ثمان وسبعون سنة انتهى. وقال غيره : ثم اشتغل بمنصب القضاء مدة ، ثم عزل واستمرّ على تدريس الإقبالية المذكورة ، وعلى الجاروخية جوارها ، كما سيأتي بيانه في حرف الجيم ، وقد درّس أيضا بالعادلية الكبرى جوارها ، كما سيأتي في حرف العين المهملة ، ودرس بالناصرية ، وهو أول من درس بها ، كما سيأتي في حرف النون ، وخرّج له الحافظ الدمياطي معجما ، توفي ببعلبك في جمادى الآخرة سنة ثمان وخمسين وستمائة. قال ابن شداد : ثم وليها من بعده ولده نجم الدين بن سني الدولة (١) ثم من بعده بدر الدين بن خلكان ، ثم شمس الدين بن خلكان بعد أن توجه بدر الدين المذكور إلى الديار المصرية ، وناب عن شمس الدين المذكور محيي الدين النواوي إلى آخر سنة تسع وستين وستمائة ، ثم تولاها تاج الدين المراغي المعروف بابن الجوّاب؟ وهو من أصحاب نجم الدين البادرائي (٢) وهو مستمر بها إلى الآن انتهى.
أما النواوي فقد تقدمت ترجمته في دار الحديث الأشرفية الدمشقية ، وأما المراغي فقال ابن كثير في سنة ثلاث وتسعين وستمائة : الشيخ الإمام العلامة تاج الدين موسى بن محمد بن موسى المراغي ، المعروف بابن الجوّاب الشافعي ، درّس بالاقبالية وغيرها ، وكان من فضلاء الشافعية ، له يد في الفقه والأصول والنحو ، وفهم جيّد قويّ ، توفي فجأة يوم السبت ودفن بمقابر باب الصغير ، وقد جاوز التسعين انتهى. ثم درّس بها الشيخ العلامة قاضي القضاة وشيخ الشيوخ فريد العصر علاء الدين أبو الحسن علي بن نور الدين أبي الفداء إسماعيل بن يوسف القونوي التبريزي ، ولد بمدينة قونية سنة ثمان
__________________
(١) شذرات الذهب ٥ : ٣٦٧.
(٢) شذرات الذهب ٥ : ٢٦٩.