الله محمد ، أخذ العلم عن والده ، وقرأ النحو على أبي العباس العنابي وبرع في الفقه ، واللغة ، والغريب ، ونظم الشعر ، وكان يستحضر الفائق للزمخشري ، والصحاح للجوهري (١) ، والجمهرة والنهاية ، وغريب أبي عبيد ، والمنتهى في اللغة للبرمكي ، وهو أكثر من ثلاثين مجلدا ، وقد عقد له مجلس فحضره أعيان علماء دمشق ، وامتحن في هذه الكتب في شعبان سنة ثلاث وستين ، ودرّس بالاقبالية هذه ، نزل له عنها والده ، وكان قليل الاختلاط بالناس ، منجمعا على طلب العلم ، كان يقول أخوه شرف الدين : أخي بدر الدين أزهد مني. قال الحافظ تقي الدين بن رافع : اشتغل باللغة والفقه ، وبرع في اللغة ، ودرّس ، ونظم الشعر ، وكان متوددا للناس حسن الخلق ، توفي في شهر ربيع الأول سنة سبعين وسبعمائة عن ست وأربعين سنة ، كما قاله ابن حبيب في تاريخه ، ودفن عند والده. ثم درّس بها ابن أخته قاضي القضاة جلال الدين أبو المعالي (٢) ، قال الأسدي : محمد بن محمد بن عثمان بن أحمد بن عمرو بن محمد بن قاضي القضاة جلال الدين أبو المعالي ابن قاضي القضاة نجم الدين الزرعي الأصل الدمشقي ، الشهير بابن شمر نوح ، سبط الشيخ جمال الدين ابن الشريشي ، رباه جده وخالاه بدر الدين وشرف الدين ، حفظ المنهاج وحضر المدارس بين الفقهاء ، ونزل له خاله بدر الدين عن تدريس الاقبالية ، ولم يتم أمره بها ، نازع فيها بعد ذلك وأخذها ، وكان توجه إلى حلب وناب لابن عمه فخر الدين ، ثم تولى قضاء حلب بعد وفاته في شوال سنة ثمان وسبعين ، ثم قدم دمشق في شهر رمضان متوليا قضاء العسكر عوضا عن القاضي شرف الدين ، ووكالة بيت المال ، وتدريس الاقبالية ، ثم استعاد الحسباني منه الاقبالية بعد شهر ، ثم استعادها هو في آخر السنة ، ثم ولي هو قضاء حلب بعد عزل المعري في ربيع الآخر سنة ثمانين ، وصالح الحسباني عن الاقبالية بمال وباشر قضاء حلب ، واستمر إلى أن توفي. قال ابن قاضي شهبة : رأيت في بعض تواريخ المصريين أنه كان جميل الوجه ، قليل الكلام ،
__________________
(١) شذرات الذهب ٣ : ١٤٢.
(٢) شذرات الذهب ٦ : ٢٥٧.