ومن كلام الكتبي يفهم انه اول من ولي إفتاء دار العدل ، وكان واسع الصدر ، كبير الهمة ، كريم النفس ، مشكور السيرة في فهمه وخطه وفصاحته ومناظرته. قال الذهبي : وكان من الأذكياء ، توفي رحمهالله تعالى رابع عشرين شهر رمضان سنة سبع (بتقديم السين) عشرة وسبعمائة ودفن بباب الصغير ، وترك أولادا ودينا كثيرا ، فوفته عنه زوجته بنت زويزان ، تقبل الله تعالى منها ، وسيأتي ذكر والده كمال الدين في الدولعية. وقال ابن كثير : في هذه السنة المذكورة وفي سادس عشر شوال درّس بالجاروخية القاضي كمال الدين محمد ابن الشيخ كمال الدين بن الشريشي بعد وفاة الشيخ شرف الدين بن سلّام ، وحضر عنده الأعيان والكبار انتهى. وقد تقدمت ترجمة القاضي كمال الدين هذا في دار الحديث الناصرية. وقال ابن كثير في سنة ثلاثين وسبعمائة : الشيخ نجم الدين عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن نصر الموصلي المعروف والموصوف بابن الشحام ، اشتغل ببلده ثم سافر وأقام بمدينة سراي من مملكة أزبك خان ، ثم قدم دمشق في سنة أربع وعشرين ، فدرّس بالظاهرية البرانية ثم بالجاروخية ، وأضيف إليه مشيخة رباط القصر ، ثم نزل عن ذلك لزوج ابنته نور الدين الأردبيلي ، توفي في شهر ربيع الأول ، وكان يعرف طرفا من الفقه والطب انتهى.
ثم درّس بها بعده الإمام العالم العلامة الفقيه الأصولي نور الدين أبو محمد فرج بن محمد بن أحمد بن أبي الفرج الأردبيلي ، قرأ المعقولات بتبريز ، وتخرّج بالشيخ فخر الدين الجاربردي (١) ، ثم قدم دمشق واشتغل في الفقه ، ودرّس بالظاهرية البرانية والجاروخية هذه ، ثم بالناصرية الجوانية ، قال الحافظ تقي الدين بن رافع : كان دينا خيرا ملازما للاشتغال والجمع ، بشوش الوجه ، حسن الملتقى ، متواضعا انتهى. وقال السيد في ذيل العبر : وشرح منهاجي البيضاوي والنواوي ، توفي شهيدا في جمادى الآخرة سنة تسع وأربعين وسبعمائة ، ودفن بباب الصغير رحمهالله تعالى ، ثم وليها العلامة عماد الدين
__________________
(١) شذرات الذهب ٦ : ١٤٨.