الأقطار ، وكان يكتب عليها كتابة حسنة وخطه جيّد. قال الشيخ تقي الدين الأسدي : وكان في ذهنه وقفة ، وعبارته ليست كقلمه ، وكان يرجع إلى دين وملازمة لصلاة الجماعة ، لكنه يميل إلى ابن تيمية كثيرا ، ويعتقد رجحان كثير من مسائله ، وفي أخلاقه حدة ، وعنده نفرة من الناس ، وانفصل من الوقعة وهو متألم مع ضعف بدنه السابق ، وحصل له جوع فمات في شهر رمضان سنة ثلاث وثمانمائة وهو في عشر التسعين ظنا ، ودفن بمقبرة باب الفراديس بطرفها الشمالي من جهة الغرب. ثم درّس بها شيخنا شيخ الاسلام بدر الدين الأسدي ، ثم نزل عنها لرفيقنا العلامة مفتي المسلمين بهاء الدين أحمد الحواري الدمشقي ، ثم نزل عنها للقاضي زين الدين ابن القاضي ولي الدين الشهير بابن قاضي عجلون.
٤٤ ـ المدرسة الدولعية
بحيرون قبلي المدرسة البادرائية بغرب ، أنشأها العلامة جمال الدين أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل بن زيد بن ياسين بن زيد الخطيب التغلبي الأرقمي الدولعي ثم الدمشقي خطيبها ، ولد بالدولعية من قرى الموصل كما قاله الصفدي وغيره ، في جمادى الآخرة سنة خمس وخمسين وخمسمائة ، ورد دمشق شابا ، فتفقه على عمه الشيخ ضياء الدين عبد الملك الدولعي (١) خطيب دمشق وسمع منه ومن جماعة ، وولي الخطابة بعد عمه ، وطالت مدته في المنصب قال الذهبي في العبر : ولي بعد عمه سبعا وثلاثين سنة ، ذكره في ترجمة عمه. وقال في ترجمته فيها : وسمع من ابن صدقة الحراني (٢) ومن جماعة انتهى. وولي تدريس الغزالية مدة ، وكان له ناموس وسمت حسن يفخم كلامه. وقال ابن كثير في تاريخه : وكان مدرسا بالغزالية مع الخطابة ، وقد منعه المعظم في وقت عن الفتوى فعاتبه السبط في ذلك فاعتذر بأن شيوخ بلدهم أشاروا بذلك لكثرة أخطائه في فتاويه ، وكان شديد المواظبة على
__________________
(١) شذرات الذهب ٤ : ٣٣٦.
(٢) شذرات الذهب ٤ : ٢٨٢.