الإمام أبو محمد عبد السلام بن علي بن عمر ابن سيد الناس المالكي القاضي المقرئ شيخ المقرئين ، ولد ببجاية سنة تسع وثمانين وقرأ القرآن الكريم بالإسكندرية على عيسى (١) ، وبدمشق على السخاوي ، وبرع في الفقه وعلوم القرآن والزهد والإخلاص ، ولي مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح اثنتين وعشرين سنة ، وقرأ عليه عدد كثير ـ وولي القضاء تسعة أعوام ، ثم عزل نفسه يوم موت رفيقه القاضي شمس الدين بن عطاء (٢) ، واستمرّ على التدريس والإفراء بتربة أم الصالح إلى أن توفي رحمهالله تعالى في شهر رجب منها. ثم قال فيها في سنة اثنتين وتسعين وستمائة : والقاضي جمال الدين أبو إسحاق إبراهيم بن داود بن ظافر العسقلاني ثم الدمشقي المقرئ صاحب السخاوي ، ولي مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح مدة ، وسمع من ابن الزبيدي وجماعة ، وكتب الكثير ، توفي في جمادى الأولى انتهى. ثم وليها شيخ القراء والنحاة مجد الدين أبو بكر بن محمد بن قاسم التونسي الشافعي ، أخذ القراآت والنحو عن الشيخ حسن الراشدي ، وتصدر بتربة الأشرفية الآتية وبأم الصالح هذه ، وتخرج به الفضلاء ، وكان دينا صيتا ذكيا ، حدث عن الفخر علي ، مات بدمشق في ذي القعدة سنة ثمان عشرة وسبعمائة عن اثنتين وستين سنة قاله الذهبي. وقال ابن كثير في هذه السنة المذكورة : وفي يوم الأربعاء ثاني عشرين شوال بكرة باشر بدر الدين محمد بن بضحان مشيخة الإقراء بتربة أم الصالح عوضا عن الشيخ مجد الدين التونسي توفي ، وحضر عنده الأعيان ، وقد حضرته يومئذ انتهى. ثم وليها العالم المفنن شهاب الدين أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم البعلبكي المعروف بابن النقيب ، سمع بدمشق من ابن الشحنة ، والشيخ برهان الدين الفزاري ، وعلاء الدين بن العطار وطائفة ، وبالقاهرة من جماعة ، وأخذ القراآت عن الشيخ شهاب الدين الكفري ، والنحو عن الشيخين مجد الدين التونسي وأبي حيان ، والأصول عن الأصفهاني ، وولي مشيخة الإقراء بأم الصالح هذه ومشيخة الأشرفية ، ودرّس
__________________
(١) شذرات الذهب ٥ : ١٣٢.
(٢) شذرات الذهب ٥ : ٣٤٠.