الملك العادل سيف الدين أبو بكر محمد ابن الأمير نجم الدين أيوب بن شادي ، ولد ببعلبك حال ولاية أبيه عليها ، ونشأ في خدمة نور الدين مع أبيه ، وكان أخوه صلاح الدين يستشيره ويعتمد عليه وعلى رأيه وعقله ودهائه ، ولم يكن أحد يتقدم عليه عنده ، ثم انتقلت به الأحوال ، واستولى على الممالك ، وسلطن ابنه الكامل على الديار المصرية ، وابنه المعظم على الشام ، وابنه الأشرف على الجزيرة ، وابنه الأوحد على خلاط ، وابن ابنه المسعود على اليمن ، وكان مليكا جليلا سعيدا طويل العمر ، عميق الفكر ، بعيد الغور ، جماعا للمال ، ذا حلم وسؤدد وبرّ كثير ، وكان يضرب المثل بكثرة أكله ، وله نصيب من صوم وصلاة ، ولم يكن محببا إلى الرعية لمجيئه بعد الدولتين النورية والصلاحية ، وقد حدّث عن السلفيّ ، وخلف سبعة عشر ابنا ، تسلطن منهم : الكامل والمعظم والأشرف والصالح والأوحد وشهاب الدين غازي صاحب ميافارقين ، وتوفي في سابع جمادى الآخرة ، وله بضع وسبعون سنة انتهى. وقال ابن كثير في سنة اثنتي عشرة وستمائة : وفيها شرع في بناء المدرسة العادلية الكبيرة بدمشق المقابلة لدار العقيقي انتهى. وقال في سنة خمس عشرة وستمائة : وفيها توفي الملك العادل أبو بكر بن أيوب يوم الجمعة سابع جمادى الآخرة بقرية عالقين ، فجاء ولده المعظم إليه مسرعا ، فجمع حواصله وأرسله في محفة ومعه خادم بصفة أن السلطان مريض ، وكلما جاء أحد للتسليم على السلطان يمنعه الطواشي عنه يعني لضعف السلطان عن الردّ عليهم ، فلما انتهى به إلى القلعة المنصورة دفن بها مدة ، ثم حول إلى تربته بمدرسة العادلية الكبرى انتهى. وقال : وكان كثير الأكل ممتعا بصحته وعافيته مع كثرة صيامه يأكل في اليوم الواحد أكلات جيدة ، ثم بعد كل هذا يأكل وقت النوم رطلا بالدمشقي من الحلوى أي السكرية اليابسة ، وكان يعتريه مرض في أنفه في زمان الورد ، فكان لا يقدر على الإقامة بدمشق حتى يفرغ زمن الورد ، يضرب له الوطاق بمرج الصفّر ، ثم يدخل البلد بعد ذلك ، وتوفي عن خمس وسبعين سنة. وقال في سنة تسع عشرة وستمائة :