فيها نقل تابوت الملك العادل من القلعة إلى تربته بالعادلية الكبرى ، فصلي عليه أولا تحت النسر بالجامع الأموي ، ثم جاءوا به إلى التربة المذكورة فدفن بها ، ولم تكن المدرسة كملت بعد ، وقد تكامل بناؤها في السنة الآتية. وقال أبو شامة في الروضتين في سنة ثمان وستين وخمسمائة : قال العماد : وفيها وصل الفقيه الإمام الكبير قطب الدين النيسابوري ، وهو فقيه عصره ، ونسيج وحده ، فسرّ نور الدين به ، وأنزله بحلب بمدرسة باب العراق ، ثم أطلقه إلى دمشق ، فدرّس بزاوية الجامع الغربية المعروفة بالشيخ نصر المقدسي ، ونزل بمدرسة الجاروخية ، وشرع نور الدين في إنشاء مدرسة كبيرة للشافعية لفضله ، وأدركه الأجل دون إدراك عملها لأجله.
قلت : هي المدرسة العادلية الآن التي بناها بعده الملك العادل أبو بكر بن أيوب أخو الملك صلاح الدين وفيها تربته ، وقد رأيت أنا ما كان بناه نور الدين ومن بعده منها ، وهو موضع المسجد والمحراب الآن ، ثم لما بناها الملك العادل أزال تلك العمارة ، وبناها هذا البناء المتقن المحكم الذي لا نظير له في بنيان المدارس ، وهي المأوى وبها المثوى ، وفيها قدّر الله سبحانه وتعالى جمع هذا الكتاب ، فلا أقفر ذلك المنزل ولا أقوى آمين ، وبقي قطب الدين إلى أن توفي في الأيام الناصرية في سنة ثمان وسبعين ، ووقف كتبه على طلبة العلم ، ونقلت بعد بناء هذه المدرسة إليها ، فما فانها ثمرته إذ فانها مباشرته رحمهالله تعالى. وقال الأسدي في سنة ثمان وستين وخمسمائة : شرع نور الدين بقرب الجاروخية في بناء مدرسة للشافعية ، وهي المدرسة المعروفة بالعادلية الآن ، فمات ولم تتم إلى أن جاء العادل فبناها ودفن بها بعد أن أحضر إلى صحن الجامع وصلى عليه الخطيب الدولعي ، وخرجوا به من باب الناطفائيين من الزحمة انتهى. وذكر الدرس بها أولا كما قاله ابن كثير في سنة تسع عشرة وستمائة القاضي جمال الدين المصري ، وحضر عنده السلطان المعظم فجلس في الصدر ، عن شماله القاضي ، وعن يمينه جمال الدين الحصيري (١) شيخ الحنفية ، وكان في المجلس الشيخ سيف الدين الآمدي (٢) إلى جانب المدرس وإلى جانبه
__________________
(١) شذرات الذهب ٥ : ١٨٢.
(٢) شذرات الذهب ٥ : ١٤٤.