يوسف بن أيوب صاحب مصر ، توفي في المحرم عن ثمان وعشرين سنة ، وكان شابا مليحا ظريف الشمائل قويا ذا بطش وكرم وحياء وعفة ، بلغ من كرمه أنه لم يبق له خزانة ، وبلغ من عفته أنه كان له غلام بألف دينار فحل لباسه ووقف ، فتركه وأسرع إلى سرية له فافتضها ، وخرج وأمر الغلام بالتستر. وأقيم بعده ابنه وهو مراهق انتهى. وقال في سنة ست وتسعين أن الملك الظاهر وأخاه الأفضل ابني صلاح الدين حاصرا عمهما العادل بدمشق ، وأن العادل أمر جيشه فترحلوا عنها ، وردّ الظاهر إلى حلب ، والأفضل إلى مصر ، فساق العادل وراءه وأدركه عند الغرابي ، ثم تقدم عليه وسبقه إلى مصر ، فرجع الأفضل محبوسا إلى صرخد ، وغلب العادل على مصر ، وقال هذا صبي وقطع خطبته ، ثم أحضر ولده الكامل وسلطنه على الديار المصرية في أواخر السنة ، فلم ينطق أحد من الأمراء ، وسهل له ذلك لاشتغال أهل مصر بالقحط ، فان فيها كسر النيل من ثلاثة عشر ذراعا إلا ثلاثة اصابع ، واستمر القحط ، وعدمت الأفراس ، وشرع الربا ، وعظم الخطب ، ثم آل بهم الأمر إلى اكل الآدميين الموتى. وقال في سنة سبع وتسعين : محمد بن عبد العزيز بن صلاح الدين ابعده الكامل واسكنه بمدينة الرها انتهى. وقال ابو شامة في الروضتين وابن كثير في سنة اربع وثمانين وخمسمائة : وممن توفي فيها من الأعيان الأمير الكبير سلالة الملوك والسلاطين بشيزر مؤيد الدولة ابو الحرث وابو المظفر اسامة بن مرشد بن علي بن منقذ احد الشعراء المشهورين والأمراء المشكورين ، بلغ من العمر ستا وتسعين سنة ، وكان عمره تاريخا مستقلا وحده ، وكانت داره بدمشق مكان العزيزية معقلا للفضلاء ومنزلا للعملماء ، وله من الأشعار الفائقة والمعاني الرائقة كثير ، ولديه علم غزير ، وعنده جود وفضل كثير ، وكان من ابناء ملوك شيزر ، ثم اقام بالديار المصرية مدة ايام في ايام الفاطميين ، ثم عاد إلى الشام ، وقدم على الملك صلاح الدين في سنة سبعين وخمسمائة بدمشق ، وله ديوان شعر كبير ، وكان الملك صلاح الدين يفضله على سائر الدواوين ، وقد كان اسامة الأمير ولد في سنة