وأخرجا منها الأفضل ووزيره الذي أساء تدبيره ، وصلى العزيز عند تربة والده الملك الناصر ، وخطب له بدمشق ، وقد دخل في هذا اليوم إلى القلعة المنصورة وجلس في دار العدل للحكم والفصل ، هذا كله وأخوه الأفضل حاضر عنده في الخدمة ، وأمر القاضي محيي الدين بن الزكي بتأسيس المدرسة العزيزية إلى جانب تربة أبيه ، وكانت دار الأمير أسامة ـ يعني عز الدين نائب بيروت أخذها منه الفرنج من غير قتال سنة ثلاث وتسعين ـ ، ثم استناب على دمشق عمه العادل ، وانشمر إلى الديار المصرية يوم الاثنين تاسع شوال والسكة والخطبة له ، وصولح الأفضل على صرخد ، وهرب وزيره ضياء الدين بن الأثير الجزري (١) إلى جزيرته ، وقد أتلف نفسه وملكه بجريرته ، وانتقل الأفضل إلى صرخد بأهله وأولاده وأخيه قطب الدين انتهى. وقال الأسدي في سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة : قال أبو شامة في الروضتين : وفيها نزل العزيز بقلعة دمشق ، ودخل هو وأخوه الأفضل مصاحبين إلى الضريح الناصري ، وصلى الجمعة عند ضريح والده ، ودخل دار أسامة في جوار التربة وأمر القاضي محيي الدين أن يبنيها مدرسة ، فهي المدرسة العزيزية ووقفها قرية عظيمة تعرف بمحجة انتهى. وقال في سنة خمس وتسعين : عثمان بن يوسف ابن أيوب بن شادي السلطان الملك العزيز أبو الفتح وأبو عمر وابن السلطان الملك الناصر صلاح الدين صاحب مصر ، ولد في جمادى الأولى سنة سبع وستين ، وسمع من أبي طاهر السلفي ، وأبي طاهر بن عوف ، وعبد الله بن بري النحوي ، وحدث بالاسكندرية ، وملك مصر بعد والده ، وقصد دمشق وملكها كما ذكرنا في الحوادث ، وأنشأ بها المدرسة العزيزية ، وكانت السكة والخطبة باسمه بها وبحلب. قال الموفق عبد اللطيف : كان العزيز شابا حسن الصورة ظريف الشمائل قويا ذا بطش زائد وخفة حركة حييا كريما عفيفا عن الأموال والفروج ، وبلغ من كرمه أنه لم يبق له خزانة ولا خاص (كذا) ، ولا برك ، ولا فرس ، وأما بيوت أصحابه فتفيض بالخيرات ، وكان
__________________
(١) شذرات الذهب ٥ : ١٨٧.