العماد على مكانته إلى أن توفي الملك صلاح الدين ، فاختلت أحواله ، فلزم بيته وأقبل على التدريس والتصنيف.
وقال زكي الدين المنذري : وهو إمام البلغاء ، وشمس الشعراء ، وقطب رحى الفضلاء ، أشرقت أشعة فضائله ، وأنارت وأنجدت الركبان بأخباره ، وأغارت في الفصاحة قسّ دهره ، وفي البلاغة سحبان عصره ، فاق الأوائل طرا ، نظما ونثرا ، استعبدت رسائله المعاني الأبكار ، وأخجلت الرياض عند إشراف النوار ، توفي رحمهالله تعالى بدمشق في شهر رمضان ، ودفن بمقابر الصوفية ، ومن تصانيفه : (خريدة القصر في شعراء العصر) ، جعله ذيلا على زينة الدهر لأبي المعالي سعد بن علي الخطيري ، (وزينة الدهر) ذيل على دمية القصر وعصرة أهل العصر للباخرزي (١) ، (والدمية ذيل على يتيمة الدهر) للثعالبي (٢) (واليتيمة) ذيل على كتاب البارع لهارون بن علي المنجم ، فذكر العماد الكاتب في كتابه هذا الشعراء الذين كانوا بعد المائة الخامسة إلى سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة ، وجمع شعراء العراق والعجم والجزيرة ومصر والمغرب ، وهو في عشر مجلدات. وله كتاب (البرق الشامي) في سبع مجلدات ، وإنما سماه البرق الشامي لأنه شبه أوقاته في الأيام النورية والصلاحية بالبرق لطيبها ، وسرعة انقضائها ، وصنف كتاب (الفتح القسي) في مجلدين ، وصنف كتاب (السيل على الذيل) ، وكتاب (نصرة الفترة وعصرة الفطرة) في أخبار بني سلجوق ودولتهم ، وله ديوان رسائل كبير ، وديوان شعر في أربع مجلدات ، وديوان دو بيت صغير انتهى.
وقال الأسدي في سنة سبع وستين وخمسمائة : قال العماد الكاتب في شهر رجب : فوّض إلى نور الدين المدرسة التي عند حمام القصير ، وهي التي أنا منذ قدمت دمشق فيها ساكن ، وكان فيها الامام الكبير ابن عبد ، وقد استفاد من علمه كل حر وعبد ، فتوفي وخلف ولدين استمرا فيها على رسم الوالد ودرّسا بها ، فخدعهما مغربي بالكيمياء فلزماه والتقيا به وأغنياه ، وغاظ نور الدين
__________________
(١) شذرات الذهب ٣ : ٣٢٩.
(٢) شذرات الذهب ٣ : ٢٤٦.