الدين قزأوغلي بن عبد الله بن عتيق الوزير عون الدين ابن هبيرة (١) الحنبلي الشيخ شمس الدين أبو المظفر الحنفي البغدادي ثم الدمشقي سبط ابن الجوزي ، أمه رابعة بنت الشيخ جمال الدين أبي الفرج بن الجوزي الواعظ ، وقد كان حسن الصورة طيب الصوت حسن الوعظ كثير الفضائل والمصنفات ، وله كتاب مرآة الزمان في عشرين مجلدا من أحسن التواريخ نظم فيه كتاب المنتظم لجده وزاد عليه وذيل إلى زمنه ، وهو من أحسن التواريخ وأبهجها ، قدم دمشق في حدود الستمائة ، وحظي عند ملوك بني أيوب وقدموه وأحسنوا إليه ، وكان له مجلس وعظ كل يوم سبت بكرة النهار عند السارية التي يقوم عندها الوعاظ اليوم عند باب مشهد علي بن الحسين زين العابدين (٢) ، وقد كان الناس يبيتون ليلة السبت بالجامع ويتركون البساتين في الصيف حتى يسمعوا ميعاده ، ثم يسرعون إلى بساتينهم فيتذكرون ما قاله من الفوائد والكلام الحسن على طريقة جده رحمهماالله تعالى ، وكان الشيخ تاج الدين الكندي رحمهالله تعالى وغيره من المشايخ يحضرون عنده تحت قبة يزيد التي عند باب البريد ويستهجنون ما يقول ، ودرس بالعزية البرانية التي بناها الأمير عز الدين أيبك المعظمي بدرب ابن منقذ ، ودرس السبط أيضا بالشبلية التي بالجبل عند جسر كحيل ، وفوض إليه البدرية التي قبالتها وكانت سكنه ، وبها توفي ليلة الثلاثاء الحادي والعشرين من ذي الحجة من هذه السنة ، وحضر جنازته سلطان البلد الملك الناصر بن العزيز فمن دونه ، وقد أثنى الشيخ شهاب الدين أبو شامة عليه في علومه وفضائله ورئاسته وحسن وعظه وطيب صوته ونضارة وجهه وتواضعه وزهده وتودده ، ولكنه قال : وقد كنت مريضا ليلة وفاته فرأيت وفاته في المنام قبل اليقظة ، ورأيته في حالة منكرة ورأى غيري أيضا كذلك ، نسأل الله العافية ، ولم أقدر على حضور جنازته ، وكانت جنازته حافلة حضرها خلق كثير ، وقد كان فاضلا عالما ظريفا منقطعا ، منكرا على أرباب الدول ما هم عليه من المنكرات وكان مقتصدا في لباسه
__________________
(١) شذرات الذهب ٤ : ١٩١.
(٢) شذرات الذهب ١ : ١٠٤.