وقرأ الحديث بنفسه على الكفرطابي (١) وغيره وتفقه على عمه شمس الدين وصحبه مدة وبرع في المذهب ، وكان مديد القامة حسن الهيأة به شيب يسير ، وفيه لطف كثير ومكارم وسيادة ومروءة وديانة وصيانة وأخلاق زكية وسيرة حسنة في الأحكام ، سمع منه البرزالي وغيره ، ودرس بمدرسة جده وبدار الحديث الأشرفية ، وولي القضاء بعد نجم الدين ابن الشيخ ، توفي ليلة الخميس الثاني والعشرين من شوال ودفن من الغد بمقبرة جده بالسفح ، وحضر نائب السلطنة والقضاة والأعيان جنازته ، وعمل من الغد عزاؤه بالجامع المظفري.
وباشر القضاء بعده تقي الدين سليمان بن حمزة ، قال ابن كثير : وكذا مشيخة دار الحديث الأشرفية بالسفح وقد وليها شرف الفائق الحنبلي النابلسي (٢) مدة شهور ثم صرف عنها واستقرت بيد التقي سليمان المقدسي انتهى. وتقي الدين سليمان هذا هو المقدسي ، قال ابن كثير في سنة خمس عشرة وسبعمائة : القاضي السند العمدة الرحلة تقي الدين سليمان بن حمزة بن أحمد بن عمر ابن الشيخ أبي عمر المقدسي الحنبلي الحاكم بدمشق ولد في نصف شهر رجب سنة ثمان وعشرين وستمائة وسمع الحديث الكثير ، وقرأ بنفسه وتفقه وبرع وولي الحكم وحدّث ، وكان من خيار الناس وأحسنهم خلقا وأكثرهم مروءة ، توفي رحمهالله تعالى فجأة بعد مرجعه من البلد وحكمه بالجوزية ، فلما صار إلى منزله بالدير تغيرت حاله ومات عقب صلاة المغرب ليلة الاثنين حادي عشرين ذي القعدة ودفن من الغد بتربة جده ، حضر جنازته خلق كثير وجمّ غفير.
وقال الذهبي في مختصر تاريخه أي تاريخ الاسلام : وله ثمان وثمانون سنة ، وكان مسند الشام في وقته. وقال في العبر أي في الذيل في سنة خمس عشرة وسبعمائة : ومات في ذي القعدة فجأة قاضي القضاة تقي الدين أبو الفضل
__________________
(١) شذرات الذهب ٥ : ٢٧٧.
(٢) شذرات الذهب ٥ : ٣٣٥.