الأربعين لم يبلغها انتهى. وقال الأسدي في تاريخه في سنة أربع وعشرين وستمائة : الملك المعظم عيسى بن أبي بكر محمد بن أيوب بن شادي السلطان الملك المعظم شرف الدين عيسى ابن السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر محمد صاحب دمشق الفقيه الحنفي الأديب ، ولد بالقاهرة سنة ست وسبعين ، قيل إنه ولد بعد أخيه موسى بليلة واحدة ، ونشأ بالشام ، وحفظ القرآن ، وتفقه على الشيخ جمال الدين الحصيري ، وبرع في المذهب ، ولازم التاج الكندي مدة ، وكان ينزل إلى داره بدرب العجم من القلعة والكتاب تحت إبطه ، فيأخذ عنه كتاب سيبويه وشرحه للسيرافي ، وأخذ عنه الحجة في القراآت لأبي علي الفارسي ، والحماسة ، وغير ذلك من الكتب المطوّلة ، وحفظ الايضاح في النحو ، وسمع المسند من حنبل ، وسمع من عمر بن طبرزد وغيره ، واعتنى بالجامع الكبير فشرحه في عدة مجلدات بمعاونة غيره ، وصنف في العروض ، وله ديوان مشهور ، وكان محبا لمذهبة مغاليا فيه ، قيل إن أباه قال له كيف خالفت أهلك وصرت حنفيا؟ قال : يا خوند ألا ترضون أن يكون منكم واحد مسلما؟ قاله على سبيل المداعبة ، وكان كثير الاشتغال مع كثرة الأشغال ، وكان يحب كتاب سيبويه وطالعه مرات ، وكان يحب الفضيلة ، جعل لمن يحفظ المفصل للزمخشري مائة دينار ، ولمن يحفظ الجامع الكبير مائتي دينار ولمن يحفظ الايضاح ثلاثين دينارا سوى الخلع ، وقد حجّ سنة إحدى عشرة ، وجدد البرك والمصانع ، وأحسن إلى الحجاج كثيرا ، وبنى سور دمشق والطارمة التي على باب الحديد ، وبنى بالقدس مدرسة ، وبنى عند جعفر الطيار رضي الله تعالى عنه مسجدا ، قال أبو المظفر الجوزي : وبنى بمعان دار مضيف وحمامين ، وكان قد عزم على تسهيل طريق الحجاج ، وأن يبني في كل منزلة مكانا ، وكان يتكلم مع العلماء ويناظر ويبحث ، وكان ملكا حازما وافر الحرمة ، مشهورا بالشجاعة والاقدام ، وفيه تواضع وكرم وحياء ، وكان قد اعتدّ للجواسيس والقصاد ، فان الفرنج كانوا على كتفه ، فلذلك كان يظلم ويعسف ويصادر ، وأخرب القدس لعجزه عن حفظه من الفرنج ، وكان يملك