على دمشق سنة نيف وثمانين ، وكان بطلا شجاعا محتشما ، وقد حضر في هذا العام وقعة حطين وفتوح عكا والقدس والسواحل ، وتوجه إلى الحاج في محمل عظيم ، فلما بلغ عرفات رفع علم صلاح الدين وضرب الكوسات ، فأنكر عليه طاشتكين أمير الركب العراقي وقال : لا يرفع علينا إلا علم الخليفة ، فلم يلتفت إليه وأمر غلمانه فرموا علم الخليفة ، وركب فيمن معه من الجند الشاميين ، وركب طاشتكين ، فالتقوا وقتل بينهما جماعة ، وجاء ابن المقدم سهم في عينه فخرّ صريعا ، وجاء طاشتكين فحمله إلى خيمته وخيط جراحته ، فتوفي من الغد بمنى يوم الأضحى ، ودفن بها رحمهالله تعالى ، ونهب الركب الشامي ، وأخذ طاشتكين شهادة الأعيان أن الذنب لابن المقدم ، وقرأ المحضر في الديوان ، ولما بلغ السلطان صلاح الدين مقتله بكى وحزن عليه ، وقال : قتلني الله إن لم أنتصر له ، وتأكدت الوحشة بينه وبين الخليفة ، وجاءه رسول يعتذر إليه ، فقال : أنا الجواب عما جرى ، ثم اشتغل عن ذلك. قال الذهبي رحمهالله تعالى. وله دار كبيرة إلى جانب مدرسته المقدمية بدمشق ، ثم صارت لصاحب حماة ، ثم صارت لقراسنقر المنصوري ، ثم صارت للسلطان الملك الناصر بعده ، وله تربة وخان داخل باب الفراديس انتهى. قلت : ويحرر قوله داخل ولعلها خارج. ثم قال عز الدين ذكر لي من ولي بها التدريس : الذي علم من ذلك الشيخ فخر الدين القاري الحنفي ، ثم من بعده ولده نجم الدين محمد بن فخر الدين القاري ، ثم من بعده عماد الدين أخوه ، ثم من بعده قاضي القضاة صدر الدين سليمان الحنفي ، ثم أخذت منه ووليها رضي الدين الهندي ، ثم أخذت ووليها قاضي القضاة صدر الدين سليمان بن أبي العز بن وهيب الحنفي المذكور ، ثم من بعده ولده شمس الدين محمد ، ثم من بعده ولده تقي الدين أحمد ، وهو مستمر بها إلى حين وضعنا هذا التاريخ يعني سنة أربع وسبعين وستمائة انتهى. قال العلامة تقي الدين : ودرّس بها الصدر سليمان بن أبي العز بن وهيب الأذرعي ، قاضي القضاة ، أحد من انتهت إليه رياسة المذهب ، توفي في شعبان سنة سبع وسبعين وستمائة. ثم درس بها ابنه تقي الدين أحمد ، توفي في شهر رجب سنة خمس وثمانين وستمائة ، ذكره الشيخ تاج الدين. ثم درس بها قاضي