بالقدس الشريف ، ولما عصى نائب الشام بيدمر وقد قتل مع الملك الناصر حسن ، دخل مع الأمير سيف الدين منجك المذكور ثم قبض عليهما وسجنا ، ثم أطلق معه ، ثم في أواخر سنة ست وستين أعطي نيابة طرسوس ، ثم نقل إلى طرابلس سنة ثمان وستين ، ثم نقل في صفر من السنة الآتية إلى نيابة دمشق عوضا عن بيدمر بعد قتل يلبغا ، واستمرّ مدة سبع سنين إلا أربعة أشهر ، ثم طلب في شوال سنة خمس وسبعين إلى مصر فتولى نيابتها ، واستمر إلى أن توفي رحمهالله تعالى بالقاهرة في ذي الحجة سنة ست وسبعين وسبعمائة على الصحيح ، ودفن بتربته التي أنشأها عند جامع بالقرب من قلعة الجبل عن سبع وستين سنة. قال الحافظ شهاب الدين بن حجي السعدي : كان سيف الدين منجك المذكور من أعيان الأمراء المشار إليهم ، والمعتمد في الأمور المهمة عليهم ، له ذكر قديم ، وفضل جسيم ، ومعروف بين إخوته بالتبجيل والتعظيم ، تنقل في الولايات من الوزارة ونيابة السلطنة في البلاد الشامية والديار المصرية ، وله المآثر الحسان ، والصدقات والاحسان ، وأوقاف على البر على اختلاف الأنواع ، وأصلح القناطر ومهد السبل والقنوات والطرقات ، وأقام بالأماكن المخوفة الخفراء ، ورتب لهم ما يكفيهم ، ولم يزل في خير من الله تعالى ومن سعادته أنه ظفر بشعر من شعر النبي صلىاللهعليهوسلم فكان لا يزال معه ، وكان حسن الملتقى سيما لأهل العلم. قال الذهبي رحمهالله تعالى في كتاب المشتبه : وكاف في آخره مع فتح أوله والجيم السيفي منجك نائب السلطان بدمشق ، كان كثير المعروف والخير وأوقاف البر رحمهالله تعالى انتهى. وقد جمعت في ترجمته كراسة جيدة. وأوقف على المدرسة المذكورة حمامه المعروف والفرن إلى جانبه والربع فوقهما.
وقال الأسدي في تاريخه في سنة أربع عشرة وثمانمائة : قاضي القضاة جمال الدين بن القطب الحنفي ، كان عاريا من سائر العلوم ، ولي الحسبة قبل الفتنة ، ثم ولي ولاية الحنفي فاستعجب الناس من ذلك كل العجب ، فلما كان بعد الفتنة أقبل مولى قاضي القضاة ، ثم عزل ثم ولي ، وكانت سيرته من أقبح السير ، ثم إنه في آخر عمره تخمل ، وولي القضاء عن نيروز ، ثم تأخر واختفى ومات خاملا ،